فرضت دبي نفسها خلال السنوات الماضية بوصفها نموذجاً تنموياً رائداً يسعى كثيرون في العالم للاقتداء به، بعد أن نجحت الإمارة في التحول من مركز اقتصادي إقليمي إلى قبلة عالمية للاستثمار والمستثمرين والسياحة، من خلال الاستثمار الكفء في اقتصاد الفكر والمعرفة والكوادر البشرية المبدعة.
ومع كل عام تضيف دبي إلى سجلها المزيد من الإنجازات والنجاحات التي تعزز من تجربتها التنموية، فرغم التحديات الاقتصادية والجيوسياسية التي شهدتها المنطقة والعالم خلال العام الماضي، فقد واصل اقتصاد دبي تحقيق النمو بنسبة 3.3 % في الأشهر التسعة الأولى من 2023.
والمهم في هذا النمو أنه شمل جميع القطاعات، ولا سيما تلك التي يتم الرهان عليها في تحقيق التنمية والريادة المستقبلية، مثل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصال الذي نما بنسبة 4.4 %، وقطاع الصناعات التحويلية الذي نما بنسبة 2.2 %.
كما عززت دبي مكانتها بوصفها من أهم المراكز العالمية في استقطاب الفعاليات والمؤتمرات الدولية من خلال استضافتها الناجحة والمهمة لمؤتمر الأطراف «كوب 28»، الذي حقق نجاحاً استثنائياً بقيادة الدبلوماسية الإماراتية بالتوصل إلى إعلان الإمارات التاريخي للعمل المناخي، في الوقت الذي واصلت فيه دبي ريادتها العالمية في مجال السياحة واستقطاب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
حيث حلت الإمارة في المركز الأول بين وجهات السفر الأكثر شعبية خلال عام 2023، بحسب تقييم أجرته منصة «تريب أدفايزر» بالاعتماد على آراء الأفراد حول الفنادق والمطاعم والأنشطة خلال 12 شهراً.
هذه فقط بعض المؤشرات، فالمجال لا يتسع هنا لرصد أو تحليل جميع المؤشرات التي تؤكد استمرار وتعزز ريادة النموذج التنموي لدبي، الذي يعد جزءاً لا يتجزأ من ريادة النموذج التنموي الإماراتي الذي رسخ مكانته بوصفه من أهم النماذج التنموية في العالم كله.
حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بالأسعار الثابتة للأشهر التسعة الأولى من عام 2023 نمواً ملحوظاً بمعدل 5.9 %، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، بينما حققت الدولة المركز الأول عالمياً في 215 مؤشراً تنافسياً دولياً في عام 2023 مقارنة مع 186 مؤشراً في عام 2022، وأصبحت من أفضل 10 دول في 604 مؤشرات دولية، وفق تقارير التنافسية العالمية والمنظمات الدولية.
ولعل أهم ما يميز هذا النموذج، على مستوى إمارة دبي أو على المستوى الإماراتي كله، ليس فقط نجاحه في الحفاظ على استمرارية النمو والتطور بصرف النظر عن أية تحديات تواجه المنطقة والعالم، ولكن أيضاً الرؤية المستقبلية التي تحكمه.
والتي تتبناها القيادة الإماراتية الرشيدة، التي تضع الخطط التنموية المستقبلية وتحرص على متابعتها وتنفيذها وتذليل أية عقبات يمكن أن تعترض ترجمتها على أرض الواقع.
كما أن هناك حرصاً واضحاً على التركيز على القطاعات الاقتصادية المستقبلية التي يتم الرهان عليها عالمياً لتحقيق التنمية والريادة في المستقبل، ولا سيما قطاعات الفضاء والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة، إلى جانب قطاع الطاقة المتجددة. علاوة على ذلك، تبرز مرونة صانع القرار الإماراتي باعتبارها من بين أهم العوامل المعززة لنجاح نموذجنا التنموي.
وهذه المرونة تعكس قدرة صانع القرار على التعامل الإيجابي مع مختلف التطورات ووضع السياسات التي تعظم من الفرص التي تتيحها وتقلل من الخسائر التي قد تترتب عليها. وفي هذا الصدد حققت دولة الإمارات المركز الأول عالمياً في مؤشر قدرة سياسة الحكومة على التكيف، ومؤشر غياب البيروقراطية، الصادرين عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية.