عقد مركز الإمارات للسياسات، ندوة افتراضية «ويبنار»، حول الأوضاع في البحر الأحمر، ناقش محاور عدة حول الأزمة التي أتت بقوى عظمى، لها مصالح لتأمين الخط الملاحي المهم، والذي يطلق عليه طريق العالم السريع.
حوالي عشرة في المئة من التجارة الدولية تمر بالبحر الأحمر، ومثلها من الطاقة المصدرة من المنطقة. وتشرفت بالمشاركة في هذا الـ «ويبنار» العلني كمتحدث، والذي حضره لفيف من الخبراء العرب، وخبيرة إيطالية، وكثير من المستمعين.
وقد تناول المحور الأول احتمالات التصعيد في البحر الأحمر، وتورط القوى المناهضة للعمليات الذي يقودها الحوثي ضد السفن التجارية والطاقة، وتطور الأمر إلى القطع الحربية التي تحارب عمليات الحوثي.
وقد رأى البعض أن احتمالات التصعيد واردة، رغم أن الأرجح أن الأمور لن تتعدى ما هو حاصل الآن، من فعل وردة فعل. وكثير من المتغيرات ستحدد درجة التصعيد. فإذا ما زادت حدة الحرب في غزة، فإن احتمال التصعيد سيتزايد. وإذا ما آلت الأمور في غزة إلى هدنة لتبادل الأسرى، فإن احتمال تخفيض النزاع عند مدخل البحر الأحمر محتمل. فقد توقفت الأعمال الحربية مع الهدنة الأولى، والتي شهدت تبادل السجناء بين إسرائيل وحركة «حماس».
ودار النقاش حول المحور الثاني المتعلق بتداعيات التصعيد على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. إذا ما حصل التصعيد، والذي تسعى كثير من الأطراف لتجنبه، فإنه سيؤدي إلى اتساع رقعة الحرب، وقد تتدخل أطراف أكثر، وتشتعل جبهات عديدة في المواجهات. لا أحد يريد مثل هكذا سيناريو. ولكن احتمالات انفلات الأمور من عقالها، مسألة حصلت في كثير من المواجهات. والتصعيد اللا إرادي واقع محتمل. وإذا ما أصيب أفراد أمريكيون أو بريطانيون، فإن ردة الفعل ستكون سريعة وقوية، كما حصل في العراق، بعد الهجوم على القاعدة الأمريكية في الأردن، والذي أدى إلى مقتل ثلاثة أفراد من الجيش الأمريكي.
وأخيراً، تناول المحور الثالث قضية البدائل والحلول لهذا التصعيد، وكيف أن الهياكل الأمنية الموجودة تعالج هذه الأزمة. لا شك أن «حارس الازدهار»، الذي تشكل تحت قيادة الولايات المتحدة، يعتبر واحداً من هذه الهياكل، التي تحاول أن تتصدى للهجمات المتزايدة. ولكن هناك حاجة لمزيد من العمل والجهد، لتعزيز استقرار هذا الممر المائي.
هناك مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، المكون من ثماني دول، والذي تشكل في عام 2020، ويجب أن يفعّل لإيجاد حلول عملية لتخفيض التصعيد. ورغم الحرب التي تدور رحاها في اليمن بين أطراف عديدة، إلا أن هناك فاعلين إقليميين على تواصل مع الفرقاء اليمنيين، بإمكانهم إيجاد تسويات لهذا الاحتراب، والذي يضر بمصالح، ليس الدول المطلة وحسب، بل المصالح العالمية.
ما تقوم به الولايات المتحدة حالياً من تقويض قدرات الحوثي، ضرورية لجهة منع زيادة الإصابات للسفن التجارية. ولكن الإشكال في هذا الأمر، أن هذه الاستراتيجية لا تمنع توسع الحرب، خاصة أن هناك قوى أخرى تشن غارات على مصالح دول معينة.
الحل يكمن في استخدام كل أدوات القوة، منها الأدوات الاقتصادية، للضغط المتزايد على الحوثي، في ما يخص تمويل ميزانية الحربية. وأيضاً دبلوماسية إقليمية لمنع انتشار شرارة الحرب في المنطقة، والتي ستستشري في المنطقة، وتضر بكل اللاعبين. وكذلك الأدوات الإعلامية لزيادة الوعي بالمخاطر الأمنية في المعبر الملاحي المهم، وجمع معلومات عن التحركات العسكرية لتعطيل الملاحة الدولية. وأدوات عسكرية لمنع وصول الأدوات الحربية لاستخدامها ضد السفن التجارية. والأهم، هو البحث عن صيغة لإنهاء الحرب في غزة، ومعاناة القابعين في السجون، سواء كانوا في غزة أو إسرائيل. وإلا، كما قال الشاعر قديماً:
أرى خلل الرماد وميض نار ويوشك أن يكون لـه ضـرام
فإن لم يُطفها عقلاء قوم يكون وقودها جثث وهامُ