مع أنني لست من هواة ألعاب المحاكاة، إلا أن فيلم «جران توريسمو» الذي شاهدته منذ مدة كان رفيعاً على جميع المستويات.

الفيلم مستوحى من السيرة الذاتية للبريطاني جان ماردنبورو، وهو لاعب شغوف في ألعاب محاكاة سباق السيارات، أتيحت له فرصة العمر من قبل شركة نيسان ليكون ضمن فريق القيادة الاحترافي وليتحول من بطل ألعاب محاكاة إلى بطل سباقات على أرض الواقع.

بالطبع لم يعكس الفيلم سيرة ماردنبورو بالدقة، ولكن تم تحويل أهم المجريات إلى فيلم يمكن عرضه على الشاشة الفضية.

الفكرة الرئيسة للفيلم، أن كثيراً من المراحل قد أحرقت لتحويل ماردنبورو من بطل افتراضي إلى حقيقي. كثيراً ما نردد أن حرق المراحل، يفسد المراحل المتعاقبة أو غالباً، لن تتهيأ المرحلة التالية ما لم نمر بالمرحلة السابقة، ولكن استطاع فيلم جران توريسمو أن يظهر عكس ذلك، وأن هناك مساحات يمكن لنا تجاوزها إذا كنا أكثر إبداعاً وابتكاراً.

السؤال المهم، ما هو احتمال أن يكون ماردنبورو بطلاً حقيقياً إذا لم يقترح المدير التنفيذي للشركة الفكرة الجريئة في تحويل لاعبي جران توريسمو الافتراضيين إلى سائقين حقيقيين؟ تكاد تكون النسبة ضئيلة لولا هذه الشجاعة في الطرح.

بالتالي تعبير حرق المراحل قد لا يتناسب مع بعض المواقف ويجب ألا يكون عقيدة نؤمن بها، لأن هناك نجاحات فوق الاستثنائية يمكن تحقيقها إذا حرقنا بعض المراحل بإبداع.

المفارقة هنا أنه لا يمكننا أيضاً إنكار بأن آلاف الساعات التي قضاها ماردنبورو خلف شاشات المحاكاة قد تكون في حد ذاتها مراحل أعدته ليكون ممن وقع عليهم الاختيار للانضمام للمسابقة الفعلية.

ماذا لو أحرقنا بعض المراحل لتنفيذ مشاريع مبتكرة لم تنفذ من قبل؟ ماذا لو استطعنا التمييز بين الظروف التي نستطيع حرق مراحلها وأخرى لن تستوي إلا إذا مررنا فيها بجميع المراحل حتى لا تبدو تجارب مبتورة؟