«الرواد الذين أسهموا في تأسيس إعلام دبي رسموا ملامح إعلامنا المحلي.. وكان لهم دور في تعريف العالم بثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا ورؤيتنا للمستقبل.. وكانوا شهوداً على مرحلة التأسيس الأولى للدولة، ونقلوا بأمانة وصدق ما تضمنته من جهود بناء وتطوير في شتى المجالات.. نشكر ونثني على ما قدموه من عطاء لا يزال إلى اليوم محل تقدير».
بهذه الكلمات، التي تثلج الصدر، وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، رواد إعلام دبي، الذين تم تكريمهم يوم الأربعاء الماضي في إطار مبادرة «رواد إعلام دبي» التي أطلقها مجلس دبي للإعلام، عرفاناً بما قدموه من عطاء مع الانطلاقة الأولى لإعلام دبي، وتقديراً لدورهم في تأسيس قطاع الإعلام، وقد كان لي شرف الانضمام إلى قائمة هؤلاء المكرَّمين.
حين يأتي التكريم من قائد يعرف لأهل الريادة مكانتهم وأسبقيتهم، يكون لهذا التكريم في النفس وقع من الصعب وصفه. لهذا كان تكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، تكليلاً لمسيرة في الإعلام تربو على 50 عاماً، حين أنظر إليها اليوم أشعر بالفخر لانتمائي إلى هذا القطاع من قطاعات الوطن، وأستذكر سنواتي الأولى وأنا أضع قدمي على أولى درجات سُلّم الإعلام الذي كان جديداً علينا وعلى الإمارات في زمن كنا نعيش فيه حلم أن يتحوّل هذا الوطن إلى بلد يسبق غيره من البلدان التي سبقته إلى النهضة.
لقد كان شعوري بالفخر كبيراً وأنا أتسلم شهادة التكريم ووسامه من سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام، بينما كان يمرّ أمامي شريط طويل من مسيرة أعتز بها في هذا الميدان، منذ أن بدأت خطواتي الأولى وأنا طالب على مقاعد الدراسة بالكتابة في مجلة «أخبار دبي» أوائل السبعينيات من القرن الماضي، ثم انضمامي عام 1974 إلى «تلفزيون الإمارات العربية المتحدة من دبي – القنال 2» مذيعاً وقارئاً لنشرات الأخبار ومقدماً للبرامج، ثم ذهابي إلى جمهورية مصر العربية عام 1975 لإكمال دراستي الجامعية في الإعلام والتخصص في مجال الإذاعة والتلفزيون، لأعود من هناك عام 1979 مواصلاً مسيرتي في «تلفزيون الإمارات العربية المتحدة من أبوظبي» رئيساً لقسم الأخبار، ثم نائباً لمدير عام التلفزيون ومديراً للبرامج، ثم مديراً عاماً للتلفزيون لمدة 18 عاماً، قبل أن أنتقل إلى «مؤسسة البيان للصحافة والطباعة والنشر» في دبي عام 1999 لتأسيس «مركز التدريب الإعلامي» وتولي إدارته 12 عاماً، ثم الانتقال إلى «مركز الأخبار» التابع لمؤسسة دبي للإعلام عام 2010 لتولي إدارته لمدة 13 عاماً كانت زاخرة بالأحداث المحلية والإقليمية والعربية والعالمية الكبرى.
شريط طويل من سنوات أعتز بها مرّ أمام عيني، سنوات تدخل في نسيج تاريخ إعلام هذا الوطن، الذي تشرفت بالمشاركة في وضع لبناته ورفع صرحه، وكنت شاهداً على 50 عاماً من مسيرته، رأيت خلالها كيف كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، يهتم بكل صغيرة وكبيرة يبثها التلفزيون، الذي كان يتابعه بدقة ويبدي ملاحظاته على برامجه ويوجه المسؤولين عنه، وكيف كان المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، يقدّر الإعلام، فيوجّه إلى إصدار مجلة «أخبار دبي» لتكون أول مطبوعة منتظمة في الإمارات، ويسعى إلى إنشاء أول محطة تلفزيونية في إمارة دبي بالتعاون مع دولة الكويت الشقيقة، ويطلق أول إذاعة في دبي، ثم عايشت ورأيت كيف أولى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، الإعلام اهتمامه، فأنشأ أول مدينة للإعلام في إمارة دبي، وجعل من دبي عاصمة للإعلام العربي والعالمي، ورفع شأن الإعلاميين ودعمهم قولاً وفعلاً.
واليوم، حين يكرم سموه رواد إعلام دبي، ويدعو الشباب إلى الاستفادة من خبرات الأجيال السابقة، وما تحمله من دروس وعبر مستفادة بغية التأسيس عليها والانطلاق منها نحو آفاق تطوير تراعي متطلبات العصر ومتغيراته، فهو إنما يؤكد أهمية دور الرواد، ويدعو إلى ضرورة تواصل الأجيال، ويقدم درساً في الوفاء علينا جميعاً أن نستوعبه ونحفظه ونستفيد منه.