روح القانون تتردد كثيراً في الآونة الحديثة، سواء على ألسنة الناس، أو في منصات التواصل الاجتماعي، لكن الكثير منا لا يعرف معنى المصطلح الحقيقي ومدى أهميته وتأثيره في المجتمع.

تاريخياً وفي العصر الحديث بالتحديد، أول من أخذ بهذه العبارة هو الفيلسوف الفرنسي «مونتسكيو» عام 1748، وكان يهدف إلى الفصل بين السياسة والقانون، فبدأ يتكلم بروح القانون. 

الفيلسوف مونتسكيو هو أول من كتب عن ضرورة تفسير القوانين بشكل عادل وواضح، وأول من كتب بتفاصيل عن مبدأ فصل السلطات، وضرورة الفصل بين السلطة التشريعية المسؤولة عن سن القوانين، والقضائية المسؤولة عن تطبيق القوانين، والتنفيذية التي واجبها تنفيذ أحكام القضاء، وكانت نظرية الفيلسوف مونتسكيو أن القوانين ترتكز وتلمس الواقع المجتمعي وليس العكس، وأن القوانين لا تشكل المجتمعات، بل إنها تصدر عن حاجة هذه المجتمعات لها.

وتعريفاً بـ«روح القانون» هو السلطة التقديرية للقاضي، حيث يستخدمها لتخفيف العقوبة، أو النزول بها إلى حدها الأدنى، أو إيقافها حسبما يقتضيه القانون، بالنظر إلى ظروف المتهم والظروف المحيطة بالجريمة، وما إذا كانت هناك أسباب مرضية أو دوافع خاصة أدت إلى حدوث الفعل الإجرامي.

وقد أجمع الفقهاء على أن للشريعة مقاصد، وهي بمثابة روح التشريع، وروح القانون تؤخذ بالتيسير، كقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا ضرر ولا ضرار»، فحكم القانون ليس لمعاقبة الفرد، ولكن لتهذيبه ولبناء القيم الأخلاقية في المجتمع. 

توجد إيجابيات عديدة في تطبيق روح القانون، من أهمها تطوير أنظمة العمل الإداري من خلال تبسيط وتيسير الإجراءات، وتحقيق المرونة في إنجاز المعاملات الحكومية، والقضاء على البيروقراطية وخدمة المجتمع، حيث وجدت هذه القوانين التشريعية لخدمة المجتمع أولاً، وتيسير الإجراءات وتنظيمها، لا لتعقيدها، هذا بجانب استدامة مراجعة هذه التشريعات وإمكانية التعديل والتطوير المستمر، والعبرة في التطبيق المتزن والحكيم الذي يحقق المنفعة العامة للمواطنين. 

ويعتبر القاضي فرانك كابريو، رئيس قضاة محكمة بلدية بروفيدنس السابق في ولاية رود آيلاند بالولايات المتحدة الأمريكية، الملقب بـ«القاضي الرحيم»، من أفضل النماذج التي طبقت التعامل بروح القانون، والنظر بالقضايا بتفهّم وتعاطف، حيث لكل قضية ملابساتها وظروفها. وقد عبر القاضي فرانك بقوله عن روح القانون وتطبيق القانون: «كقضاة، ليس علينا دائماً أن نطبق القانون بشدة، فالأمر يتوقف على تقدير القاضي لكل قضية استناداً إلى ظروف الأشخاص الذين يقفون أمامه». وتابع برأيه عن ذلك: «يجب أن نستمع إلى هؤلاء الأشخاص بعناية، وننظر فيما يقولونه قبل أن نصدر حكمنا»، مضيفاً: «أتمنى دائماً أن يكون هناك تفهم وتعاطف مع هؤلاء الأشخاص». دعونا نسلط الضوء على أفضل الممارسات القانونية في هذا المجال، ونشر قصص النجاح وتوثيقها لتحقيق الاستفادة القصوى في نشر المعرفة والخبرات القانونية المتميزة.