ما تعرضت له دولة الإمارات العربية المتحدة من حالة جوية استثنائية الأسبوع الماضي كان حديث الساعة، بعد أن شاهد الجميع الآثار التي خلفتها الحالة الجوية، ليس فقط على مستوى الأعطال التي حدثت في بعض المرافق العامة وبعض الممتلكات الخاصة، وإنما على مستوى توقف الحركة والتحول إلى العمل والدراسة عن بعد لمدة أربعة أيام، وانقطاع حركة النقل والمواصلات داخل بعض المدن وما بينها بشكل كامل تقريباً خلال يوم العاصفة، وبشكل متفاوت خلال الأيام التالية ليوم الثلاثاء الذي شهد ذروة الحالة الجوية.
الجانب الإيجابي في الموضوع أن الجهات المختصة توقعت حجم الحالة الجوية قبل وقوعها، وطلبت من الناس البقاء في المنازل، وحولت العمل والدراسة ليكونا عن بعد، وهو إجراء لم يحدث منذ جائحة كورونا قبل أربعة أعوام تقريباً، الأمر الذي يشير إلى أنه كان هناك وعي بحجم الحالة وبالأسلوب المناسب للتعامل معها، وهو ما قامت به الجهات المختصة، حيث حشدت طواقمها للتعامل مع الحالة في حدود ما يمكن عمله في مثل هذه الحالات التي لم تمر بها الإمارات منذ عقود، ونحن نعلم أن دولاً كبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وغيرهما، تقف عاجزة أمام مثل هذه الحالات الجوية والكوارث، ويكون حجم الدمار فيها كبيراً، والخسائر جسيمة، رغم توقعها لها، ورغم تكرارها كل عام في الأوقات نفسها وبالحجم نفسه تقريباً.
دولة الإمارات العربية المتحدة، وفي أعلى مستوياتها، تعاملت مع الحالة الجوية الاستثنائية بإيجابية كبيرة مستفيدة منها، حيث وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الجهات المعنية بسرعة العمل على دراسة البنية التحتية في مختلف مناطق الدولة، وحصر الأضرار التي سببتها الأمطار القياسية التي شهدتها البلاد، والتي تُعد الأعلى منذ بدء تسجيل الحالات المناخية عام 1949م، مؤكداً سموه أن سلامة المواطنين والمقيمين وأمنهم يأتيان على رأس أولويات حكومة الأمارات، معرباً عن تقديره لمستوى الوعي والمسؤولية التي تحلى بها الجميع خلال الظروف المناخية التي شهدتها البلاد.
وقد وجه سموه بتقديم الدعم اللازم إلى جميع الأسر المتضررة من الأمطار في مختلف مناطق الدولة، وثمّن جهود جميع العاملين في فرق الطوارئ والأزمات الوطنية والمحلية والجهات المختصة في إدارة عمليات الإنقاذ والإجلاء، الأمر الذي كان له كبير الأثر في الحفاظ على الأرواح والممتلكات، وأثنى على التعاضد المجتمعي الذي أظهره مجتمع دولة الإمارات، الذي يجسد القيم الراسخة لمجتمع الدولة.
وفي دبي، وجه سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، الجهات الحكومية في إمارة دبي بتطوير خطة استباقية متكاملة لمواجهة الحالات الجوية الطارئة، تضمن استعداد الإمارة وبنيتها التحتية للتحديات، ورفع الجاهزية في مختلف القطاعات للظروف غير المتوقعة الناشئة عن الحالات الجوية.
وقال خلال اجتماع عقده مع عدد من المسؤولين في إمارة دبي، لمتابعة تطورات العمل والجهود الهادفة لتجاوز آثار الحالة الجوية غير المسبوقة التي شهدتها الدولة، والوقوف على إنجازات فرق عمل حكومة دبي وجهودها المتواصلة في تسريع عودة الحياة الطبيعية إلى كل مناطق ومرافق الإمارة، قال إن التحديات التي مرت بها إمارة دبي خلال الأيام القليلة الماضية تتطلب العمل لتطوير آليات الاستجابة للحالات الطارئة عبر خطط استباقية، تضع في الاعتبار مختلف السيناريوهات، وتبتكر الحلول الناجحة لها، ووجه سموه حكومة دبي بتطوير رؤية استباقية وخطط تعزز الجاهزية والكفاءة، وترتقي بالفاعلية في مواجهة الظروف المشابهة، مؤكداً سموه أن سلامة أفراد المجتمع هي الأولوية القصوى لحكومة دبي.
هذه المواقف من القيادة العليا تؤكد أننا نعيش في دولة عصرية ومسؤولة، تتعامل مع الأحداث الطارئة بمنتهى الجدية والإيجابية، أما أولئك الذين حاولوا استغلال الحالة الجوية الاستثنائية لتشويه صورة دولة الإمارات والنيل من سمعتها، فنقول لهم إن التوفيق والتوقيت قد خاناهم قبل أن يخونهم ذكاؤهم؛ لأن أحداً لن يصدقهم، وسيجرف السيل ما قالوه ونشروه في وسائط التواصل الاجتماعي، لتعود الساحة طاهرة نقية مثلما غسل المطر الأرض وأسعد نفوس البشر.