ودّعت دولة الإمارات العربية المتحدة أحد أبنائها البررة؛ المغفور له الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، رحمه الله، القامة والرمز الوطني العظيم، رافق وأسهم وعمل بجهد وإخلاص في بناء مسيرة تأسيس الاتحاد المبارك لدولة الإمارات، وكان له الدور الكبير في تأسيس وتنظيم النظام الإداري في مدينة العين، فقد كان قريباً ومرافقاً لمؤسس دولة الاتحاد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أي أن الشيخ طحنون بن محمد خريج مدرسة زايد؛ المدرسة التي تمنحك الفكر القيادي والحس الإنساني والصفات الإيجابية وبعد النظر والعمل على تحقيق المستحيلات.
تميّز الشيخ طحنون بن محمد منذ نشأته بالذكاء والفطنة وقربه ومحبته للناس وحب الناس له، صفات وسمات جعلت منه أحد الأعمدة التي قامت عليها الدولة، حيث عمل من خلال مناصبه ومهامه المختلفة على تنظيم وتطوير الهيكل التنظيمي والإداري الحكومي المحلي في مدينة العين، وتابع وأشرف على تنفيذ توجيهات المغفور له الشيخ زايد حتى أصبحت مدينة العين على ما هي عليه الآن. كان له مساهمات وأدوار عدة، سواء على المستوى الحكومي الاتحادي أو المستوى المحلي، كذلك مساهماته المجتمعية، وإذا نظرنا إلى سجله سنجده حافلاً بالإنجازات.
مصابنا جلل بفقدان ورحيل الشيخ طحنون بن محمد، وسيفتقد أهالي مدينة العين والدهم الذي عودهم على وجوده الدائم بينهم، رحمه الله، فقد كان حريصاً على مشاركة أبناء الشعب أفراحهم وأتراحهم، وباعتباري أحد أبناء مدينة العين، اعتدنا منذ طفولتنا على لقائه هو وأبنائه الكرام في كل المناسبات، يبارك ويشارك في عرس هنا، ويعود مريضاً هناك، ويعزي ويواسي مواطناً في مكان آخر، ويحضر ويشارك المواطنين في المناسبات والاحتفالات الوطنية.
كما كان مجلسه مفتوحاً للمواطنين، يرحب بهم ويستمع لهم ويتابع احتياجاتهم ويوجه المسؤولين في اللحظة نفسها لتلبية متطلبات الناس وتوفير احتياجاتهم، وضم مجلسه الكبير والصغير، ورأينا كيف يوقر الكبير ويعطف على الصغير، ويفرح بوجود الجميع، لقد كان مجلسه عامراً بالخير ومدرسة للحكمة، بل كان فعلاً مدرسة تمنحك المعرفة والحكمة والإيجابية والتفاؤل.
سيفتقد أبناء مدينة العين لقاءات وجولات ومشاركات الشيخ طحنون بن محمد، لكن الأثر باقٍ، والأعمال والإنجازات ستبقى شاهدة على شخص عظيم سخّر وقته وجهده لخدمة الشعب، وسهر لمتابعة تنفيذ توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لتوفير احتياجات المواطنين ومتابعة إنجاز المشروعات الوطنية والوقوف على تنفيذها بنفسه من خلال وجوده الميداني في كل الظروف والمناطق، حتى أصبحت مدينة العين مدينة عصرية عالمية.
في هذه اللحظات نشعر بالحزن والأسى، على رحيل والدنا «بو سعيد»، والمناسبة حزينة ومؤلمة، لكن ما يخفف حزننا وألمنا أن العظماء تبقى أفعالهم وإنجازاتهم حية شاهدة على ما قدموه، وتبقى ذكراهم حية في قلوبنا لا تنسى، وسنبقى نذكر مآثرهم ونحكي لأبنائنا عن قامات ورموز وطننا وعن فضلهم علينا.
لقد أفجعنا وأحزننا نبأ وفاة والدنا الشيخ طحنون بن محمد، لكن ما هوّن علينا بعد الصبر ورحمة الله أن العظماء لا يموتون، بل تبقى سيرتهم الحميدة حاضرة، والتاريخ يخلدهم ويخلد أعمالهم العظيمة الجليلة، وستبقى الأجيال القادمة ممتنة لهم ولما قدموه.
في الختام لا نقول إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى، ونقول كما أمرنا «إنا لله وإنا إليه راجعون»، ونسأل الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء والصديقين ويجزيه عنا خير الجزاء على ما قدمه في خدمة البلاد والعباد.