من عادة الإمارات وقيادتها الرشيدة أن تحول التحدي إلى فرص، مهما كانت خطورة هذا التحدي أو صعوبته. هذا ما حدث بالفعل أخيراً بعد الحالة الجوية التي شهدتها الدولة، والتي تركت بعض التأثيرات البسيطة على رحلات الطيران في أهم مطار يربط العالم في الوقت الراهن وهو مطار دبي.
وقبل أن يحتفل بعض المتربصين الذين ينتظرون أي هفوة للإضرار بصورة الدولة والتقليل من حجم إنجازاتها التي تغطي عين الشمس، وترديد شائعات تضرر حركة السفر والسياحة نتيجة أمطار الخير، فاجأ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، العالم باعتماد تصاميم مبنى المسافرين الجديد في مطار آل مكتوم الدولي، والذي سيكون الأكبر في العالم بكلفة 128 مليار درهم وبطاقة استيعابية نهائية تصل إلى 260 مليون مسافر.
المطار الجديد الذي سيفوق مطار دبي الحالي بخمس مرات، والذي يؤسس لمرحلة جديدة تتصدر فيها دبي قطاع الطيران الدولي لمدة 40 عاماً مقبلة، كما ذكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، جسد بوضوح هذه الفلسفة الإماراتية التي تخلف من التحدي فرصة، والتي تستفيد من دروس بعض التجارب في التأسيس لمستقبل أفضل في كل مجال من مجالات التطور البشري. ولذا تحظى تجربة الإمارات في الحكم والإدارة بالإعجاب الدولي ويحاول كثيرون الاقتداء بها.
لقد حقق مطار دبي الدولي خلال السنوات الأخيرة أرقاماً قياسية في استقطاب المسافرين عبر العالم، وخلال العام الماضي وحده مر من خلال المطار نحو 87 مليون مسافر ليكون واحداً من أكبر مطارات العالم، ولتكون دبي واحدة من أهم وجهات السفر العالمية، ومع ذلك، فإن هذا النجاح الكبير والإنجازات الضخمة المتحققة، لا تلبي تطلعات وطموحات قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، التي تضع نصب أعينها دائماً «قاعدة الرقم واحد»، بمعنى أن تكون الدولة في الترتيب الأول عالمياً في أي مؤشر تنموي في أي مجال من المجالات، لذا جاءت الخطط الجديدة لتوسعة المطار التي تستهدف أن تكون دبي هي الوجهة الأكبر على الإطلاق في السفر، ومواكبة التطور المتنامي في حركة النقل الجوي عالمياً.
مظهر آخر من مظاهر فلسفة تحويل التحديات إلى فرص شهدته دبي هذا الأسبوع، تمثل في الإعلان عن تشكيل اللجنة العليا لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في إمارة دبي، برئاسة سمو الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم.
فرغم أن إدارة دبي خصوصاً، والإمارات عامة، لأزمات الأمطار الغزيرة والتقلب المناخي الأخيرة كانت ناجحة بكل المقاييس، سواء في التعامل السريع والناجز مع هذا التحدي الذي تشهده الدولة لأول مرة في تاريخها بكل تشعباته، أم في استعادة التعافي السريع والعودة للحركة الطبيعية خلال ساعات قليلة، فإن القيادة الحكيمة ارتأت أن الاستعداد للمستقبل يتطلب مزيداً من التأهب للأزمات المستقبلية وخصوصاً الطبيعية والمناخية منها، ومن هنا جاء قرار تشكيل هذه اللجنة العليا لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث في دبي، بهدف تعزيز كفاءة الإمارة في التعامل مع أية مشكلات مستقبلية من هذا النوع.
إن فلسفة تحويل التحديات إلى فرص هي فلسفة إماراتية خالصة، فلسفة قيادة لا تؤمن سوى بالعمل والاستعداد لبناء مستقبل أفضل لشعبها.