الموسيقار العبقري العابر للأجيال محمد عبدالوهاب المولود في 13 مارس 1903 (وقيل في 1910) بحي باب الشعرية القاهري، اقترن، في حياته التي امتدت حتى وفاته بسكتة دماغية في 4 مايو 1991، بثلاث نساء.
زوجته الأولى هي السيدة الثرية زبيدة الحكيم التي تزوجها في عام 1931، رغم أنها كانت تكبره بعشرين عاماً، وأسهمت بإنتاج أول أفلامه السينمائية (الوردة البيضاء)، ثم انفصلا بعد عشرة دامت 11 سنة دون أن ينجبا أطفالاً.
أمضى عبدالوهاب، بعد ذلك سنوات واهباً كل وقته وحياته للموسيقى والفن، دون أن يفكر في الزواج مرة ثانية، بل نقلت عنه مجلة «آخر ساعة» المصرية في عام 1939 ما مفاده أنه لا يفكر يوماً في الزواج، لأن الزواج بالنسبة للفنان معناه تقييد الحرية، مؤكداً «أنه لن يتزوج ولو شنقوه».
غير أن الوسط الفني فوجئ بزواجه في عام 1942 من السيدة «إقبال نصار» من بعد قصة حب عنيفة كانت حديث المجتمع والأوساط الراقية التي كانت إقبال من فاتناتها وزهراتها ومن بنات عائلاتها المرموقة. وقتها كانت إقبال، المولودة في طنطا والهاوية للرسم، متزوجة من الدكتور بشري وأماً لطفل اسمه طارق، لكنها لم تكن سعيدة في حياتها الزوجية.
لذا انتظرت بعض الوقت لتتأكد من مشاعر عبدالوهاب تجاهها، وأن الأخير لن يتلاعب بها أو يجرح كبرياءها. وحينما تأكدت من هيام عبدالوهاب الجنوني بها، انفصلت عن زوجها وتزوجته متخطية كل تقاليد عائلتها وأخذت معها إلى عشها الجديد ابنها طارق، وعاشت مع الموسيقار 16 سنة وأنجبت له خلالها خمسة أبناء (أحمد ومحمد وعصمت وعفت وعائشة).
وعلى الرغم من حكاية الحب العنيفة بين الزوجين، التي جسدها عبدالوهاب في أغنيته الخالدة «حياتي انت ماليش غيرك وفايتني لمين»، إلا أن حياتهما الزوجية لم تخل من مشاكل متكررة ومشادات واتهامات من قبل إقبال بأن الموسيقار يجرحها ويهين كرامتها كزوجة بعلاقات جانبية مع غيرها، الأمر الذي دفعها لترك عش الزوجية مع أولادها وحاجياتها الخاصة للإقامة لدى عائلتها. وقتها حاول الموسيقار دون جدوى أن يتصل بها هاتفياً لترطيب الأجواء، وراح يوسط أصهاره، لكنهم رفضوا جميعاً التدخل.
كلفت إقبال محاميها بالبدء في إجراءات الطلاق، رافضة الحلول الوسط ومنها اقتراح عبدالوهاب بالانفصال بطريقة ودية دون طلاق وإقامة كل منهما في شقة منفصلة بعمارة واحدة كي يسهل استمرار اتصال الأبوين بأولادهما.
وإزاء إصرار إقبال على الطلاق، وخوف عبدالوهاب من تحويل القضية إلى ساحات القضاء، تم الطلاق بينهما بطريقة ودية في عام 1957، حيث وافق عبدالوهاب على ترك شقته لطليقته وأبنائه مع نفقة شهرية بمبلغ 200 جنيه، بشرط ألا يستمر ذلك في حال ارتباط إقبال بشخص آخر. وهكذا عاشت إقبال تربي أبناء عبد الوهاب، بينما مر الموسيقار بأزمة نفسية، وتهرب من أصدقائه والصحافة، تحاشياً لأسئلتهم الكثيرة.
أما زيجته الثالثة والأخيرة فقد كانت من السورية «نهلة القدسي»، التي كان لتعرفه عليها وارتباطه بها قصة رواها بنفسه ومفادها أنه في أواخر الخمسينات طلبت منه رئاسة الجمهورية الذهاب إلى دمشق لإحياء عدد من الحفلات الغنائية، وأنه حاول التهرب من ذلك بادعاء المرض لأنه يخاف ركوب الطائرات، لكن في نهاية الأمر استجاب لطلب شخصي من الرئيس عبدالناصر.
وفي دمشق ارتفعت درجة حرارته بسبب خراج في جسده فتم نقله إلى مستشفى بعقلين اللبناني في الأشرفية، ومنه انتقل إلى فندق بريستول في بيروت لتمضية فترة النقاهة.
انتشر الخبر فاتصلت به السيدة عزيزة حرم حيدر بك شكري (خالة نهلة القدسي) مستأذنة أن تزوره لأنها من عشاق فنه ومواظبة على حضور حفلاته. وبالفعل زارته مصطحبة ابنة أختها نهلة التي أغرم عبدالوهاب بجمالها وأناقتها من أول نظرة.
وقتها كانت نهلة متزوجة من الشاعر عبدالمنعم الرفاعي سفير الأردن في واشنطن، وكانت حياتهما مضطربة فوافقت على الاقتران بعبدالوهاب بعد أن تتطلق من زوجها السفير. عاد الموسيقار إلى القاهرة تاركاً قلبه لدى نهلة، وسرعان ما لحن من أجلها أغنية «بفكر في اللي ناسيني» التي جسد فيها ولهه وعشقه وألمه لفراقها.
قال عبدالوهاب عن نهلة: «أحسست أنها أجمل شيء في حياتي.. مختلفة عن كل امرأة عرفتها.. وجدت فيها طعماً حلواً كأنه الشهد في فمي.. رأيت السند الذي أريد أن أسند عليه وأنا أنطلق في الحياة.. معها شعرت أنني لست وحدي في الدنيا، كأنها جاءت بالدنيا كلها ووضعتها تحت أقدامي».