ماذا يعني قرار محكمة العدل الدولية الأخير بحق قادة إسرائيل و«حماس»؟

تداعيات القرار لها أبعاد سياسية ومعنوية وقانونية.

قانونياً، فإن محكمة الجنايات الدولية تتجه إلى الموافقة على إصدار مذكرات اعتقال دولية ضد قيادات إسرائيلية وأخرى من «حماس»، بناءً على ما توصل إليه المدعي العام كريم خان من قناعة المحكمة بأن هؤلاء تتوفر فيهم تهمة: «العمل على الإبادة الجماعية بالمخالفة القانونية لمبادئ وقواعد القانون الدولي».

وفي هذه الحالة، تلزم المذكرة الصادرة عن محكمة العدل الدولية بتوقيف المتهمين واستدعائهم للمثول أمام المحكمة الدولية. وهنا التوقيف يسري على 123 دولة موقعة على الاتفاق، ويجوز أيضاً أن يطبق في دول غير موقعة، علماً أن الولايات المتحدة وإسرائيل غير موقعتين على قانون المحكمة.

وينتظر أن ينظر قضاة المحكمة الجنائية إلى طلب المدعي العام الدولي بعمل وتوزيع مذكرة الاعتقال خلال الأيام القليلة المقبلة.

وقد قوبل هذا القرار بثلاثة ردود فعل:

الأول: الترحيب والسعادة من قبل دولة جنوب أفريقيا التي لعبت دوراً معنوياً وقانونياً من خلال تقديم طلب الخصومة لمحكمة العدل، وأيضاً اعتبر أنصار القضية الفلسطينية هذا القرار انتصاراً للقانون الدولي إزاء وحشية إسرائيل وحكومتها في سياسات القمع والإبادة الجماعية.

الثاني: من قبل أنصار حركة «حماس» الذين أيدوا القرار الخاص بإسرائيل، إلا أنهم احتجوا كيف تساوي المحكمة بين جرائم إسرائيل وبين حركة «حماس» التي قامت يوم 7 أكتوبر «بعمليات مشروعة لرفض الاحتلال وتحرير الأرض» على حد وصفهم.

أما رد الفعل الثالث، فهو رد فعل الكثير من الساسة العرب والإسرائيليين الذين لا يؤمنون بفاعلية القانون الدولي ولا يعترفون إلا بسياسات القوة العسكرية التي تفرض نفسها في ميادين القتال، سواء كان ذلك تحت ما يعتبر «غزواً» أم «تحريراً».

وفي رأيي المتواضع أن أهم ما في هذا القرار الدولي هو المعنى المعنوي والأخلاقي الذي يلتصق الآن بقادة إسرائيل.

هذا القرار يتهم القيادة الإسرائيلية قانونياً بما لا يقبل أي مجال للانحياز أو التجني من أعلى سلطة محاسبة قانونية أممية بتهمة «العدوان والقتل والإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين».

إنها المرة الأولى – تاريخياً – التي يوصف فيها قادة إسرائيل بأنهم يلعبون دور القاتل بدلاً من لعبهم دورهم التاريخي المفضل وهو دور القتيل.

الآن الإسرائيلي في قفص الجناة، وليس في محرقة المجني عليهم.

فقدان إسرائيل للدور المعنوي للضحية والانتقال إلى دور «الجاني المسؤول عن الإبادة الجماعية للمدنيين» هو أكبر خسارة للدولة العبرية، وأكبر انكشاف أخلاقي لحقيقة المشروع الصهيوني.