تتحدث تسريبات أمريكية عن مشرّع أمريكي جديد لما يمكن تسميته شكل إدارة غزة بعد توقف إطلاق النار.
وتواجه هذه التصورات عدة مشاكل نظرية وعملية في آنٍ واحد.
المشكلة النظرية تقوم على مبدأ أن إسرائيل في عهد نتانياهو سوف تنسحب من غزة.
ونظرياً أيضاً تقوم الفكرة على قيام واشنطن بتكرار مشروع «بريمر» الذي طُبّق أمريكياً في العراق.
مشروع «بريمر» في العراق كان إشرافاً أمريكياً على السلطة المحلية في البلاد، مع نزع النفوذ السياسي لحزب البعث، ونزع النفوذ العسكري للجيش العراقي.
ويعلّمنا التاريخ، وهو خير معلّم، أن مشروع بريمر فشل فشلاً ذريعاً، وأدى في النهاية إلى تسليم البلاد والعباد للنفوذ الكامل لطهران.
أما من الناحية العملية، فإنه لن توجد أية قوة أو فصائل فلسطينية أو من القبائل أو الأعيان تقبل بدور خارجي للإشراف عليها أو إدارة شؤونهم، وأن الفلسطيني بصرف النظر عن انتماءاته الأيديولوجية أو الحزبية لا يقبل أبداً سوى سلطة فلسطينية.
ومن الناحية العملية أيضاً، فإنه لن توجد قوى عربية يمكن أن تقبل بإرسال قوات إلى غزة للعب دور «شرطي الأمن»، من دون وجود مسار واضح لتسوية سياسية شاملة ملزمة للجانب الإسرائيلي ولها سقف زمني، أما مبدأ إرسال قوات عربية لمجرد الحفاظ على الاحتلال والاستيطان، فهذا أمر مستحيل تماماً.
الأزمة الكبرى (عقدة) العُقد التي تحاول دائماً واشنطن تجنّبها هي «أنه لا توجد رغبة إسرائيلية في ظل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للصراع، بل إنه يسعى إلى إطالة أمد هذا الصراع، ما ينذر بحرب إقليمية شاملة».
إن الدفاع الأعمى عن الوحشية الإسرائيلية والهجوم العنيف ضد أي لوم أو عقوبات تجاه سياستها هو أكبر ضرر لسمعة وأخلاق السياسة الأمريكية.
ماذا تعرف عن تجربة «بريمر»؟
«بول بريمر» هو دبلوماسي أمريكي من مواليد 1941 أعطته إدارة جورج دبليو بوش سلطة أن يكون الحاكم الإداري لسلطة الاحتلال في العراق، وسُمي برئيس سلطة التحالف في الفترة من مايو 2003 إلى يونيو 2004.
حتى لا أبدو متعسفاً في أحكامي، أسأل ضمائر من يقرأون الآن: هل حال العراق بعد مرور 20 عاماً على قرارات «بريمر» أفضل الآن؟