بدأ أمس الثلاثاء 28 مايو 2024 صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، زيارة دولة إلى كوريا الجنوبية هي الأولى التي يقوم بها رئيس إماراتي إلى سيؤول وتدوم الزيارة يومين، وتهدف إلى مزيد من توسيع مجالات التعاون في عديد المجالات بين البلدين و«بحث سبل تطوير الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين الإمارات وكوريا الجنوبية، وتعزيز التعاون الاقتصادي بما يتماشى مع رؤانا المشتركة بشأن مستقبل التنمية واستدامتها في بلدينا»، مثلما أعلن ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد لدى وصوله إلى العاصمة الكورية سيؤول.
وشهدت العلاقات الثنائية انطلاقتها في 18 يونيو 1980، واستمرت في التطور قبل أن تتحول إلى «شراكة استراتيجية» في عام 2009، ثم إلى شراكة استراتيجية خاصة في 2018، وتوسّعت هذه العلاقات لتشمل جميع مجالات التعاون على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
وفي أعقاب ذلك، يبدأ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يوم الخميس 30 مايو الجاري زيارة دولة إلى جمهورية الصين الشعبية الصديقة تلبية لدعوة فخامة الرئيس شي جين بينغ.
ومن المنتظر أن يتم بمناسبة هذه الزيارة بحث العلاقات الثنائية ومسارات التعاون والعمل المشترك في المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية وغيرها.. وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي تجمع دولة الإمارات والصين بما يسهم في تعزيز التنمية والازدهار المستدام في البلدين، وستكون هذه الزيارة مناسبة للاحتفال بمرور 40 عاماً على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات والصين وللمشاركة في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني.
ومعلوم أن الانفتاح الإماراتي على محيطها الآسيوي هي سياسة استراتيجية بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، منذ ثمانينات القرن الماضي وأعطتها سياسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد البعد والعمق الاستراتيجي الذي قوامه الأساسي تنويع شراكات دولة الإمارات بما يضمن ويحقق استقلاليتها ومناعة اقتصادها ويؤمّنها ضد الاضمحلال في تحالفات قد لا تخدم أجندتها الوطنية.
ولعلّ تركيز دولة الإمارات على مجالات التكنولوجيا المتطورة والذكاء الاصطناعي والبحث العلمي في علاقاتها مع هذه الصاعدة، رغم الضغوطات من بعض الأطراف والتي قد تكون مسلّطة عليها من أجل كبح جماح هذا التعاون، ينمّ على فهم عميق لطبيعة التطورات على المستويين الإقليمي والدولي ويترجم سياسة وطنية تؤمن بثقافة السلام وتطوير الشراكات والتعاون بين الأمم وتنبذ ثقافة الحرب وإشاعة الفوضى في العلاقات الدولية.
ما من شكّ في أن انفتاح الإمارات على محيطها الآسيوي هو خط استراتيجي لن تتراجع عنه لأنه يمثّل إحدى الضمانات من أجل تأمين استقلالية قرارها وتأمين سيادتها على أرضها وخدمة شعبها ومحيطها العربي، وقد تعزّز هذا الانفتاح بعد انضمام دولة الإمارات لـ«البريكس».
إن هذا الفهم الاستراتيجي الشامل الذي هو إرث إماراتي محمود ليس وليد الصدفة، بل هو نتاج تخطيط محكم ويصلح بلا شك أن يكون مثالاً يُحتذى لدولنا التي تسعى إلى تعزيز مقوّمات استقلالها وسيادتها.
ولسنا في معرض التحدث عن نتائج هاتين الزيارتين المهمتين، فالنتائج معلومة ومضمونة نظراً للتحضير الجيد، والأكيد أنه سواء تعلّق الأمر بزيارة كوريا الجنوبية أو الصين الشعبية فالمنتظر هو تحقيق مرحلة أعلى من التعاون والشراكة، ولكن الأساسي كذلك هو الاقتناع بأن تنويع الشراكات مهما تناقضت مصالح الشركاء هو في لبّ خدمة استراتيجيات التنمية والتعاون الاقتصادي والسلام بين الأمم والشعوب، وقد يكون الاجتماع العربي الصيني مناسبة لتأكيد هذه المعاني والحرص عليها.
إن المصالح قد تتباعد ولكن اعتبار التعاون كهدف استراتيجي هو الأبقى وهو ما تعمل دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيزه.