فرضت دولة الإمارات نفسها رقماً أساسياً في معادلات الأمن والاستقرار والرفاهية على المستويين الإقليمي والدولي، ووضعت نفسها في مكانها اللائق في خريطة التفاعلات العالمية، في ضوء سياساتها المتوازنة وعلاقاتها المتميزة مع مختلف دول العالم، ودورها الحيوي في الكثير من الملفات والقضايا الدولية، ودبلوماسيتها الفاعلة، التي جعلت منها صديقاً وفياً للجميع، ووسيطاً موثوقاً بين القوى الدولية، وعنصراً رئيساً في أي تحرك إقليمي أو دولي لتحقيق الاستقرار والتنمية.
هذه النتيجة أو الخلاصة تقف خلفها سياسة حكيمة ترسمها وتشرف على تنفيذها قيادتنا الرشيدة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي بات يشكل مدرسة متفردة في القيادة السياسية، بعد أن تجاوزت كاريزميته حدود دولة الإمارات للعالم الأوسع نطاقاً، وهو ما ظهر جلياً خلال زيارة سموه الأخيرة لكل من الصين وكوريا الجنوبية، فالحفاوة والترحيب الذي استقبل بهما سموه في دولتين من الدول الكبرى الصاعدة دولياً يجسد المكانة الرفيعة والتقدير الواسع اللذين يحظى بهما سموه عالمياً، والأهمية الكبيرة التي توليها الدولتان للإمارات بوصفها الشريك الاستراتيجي الأهم لهما في منطقة الشرق الأوسط.
تولي قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، أهمية كبيرة لتطوير علاقات الإمارات مع القوى الدولية الصاعدة، وعلى رأسها الصين وكوريا الجنوبية، حيث شهدت هذه العلاقات تطورات كبيرة، وصلت بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة، فبالنسبة لكوريا الجنوبية تعد الإمارات الشريك التجاري الثاني خليجياً وعربياً بحجم تبادل تجاري بلغ 5.3 مليارات دولار خلال عام 2022 بنسبة نمو بلغت 14 % مقارنة بعام 2021. وتمتد العلاقات لما هو أبعد من الاقتصاد، حيث استعانت دولة الإمارات بالخبرات الكورية في بناء مفاعل براكة النووي.
وفي الصين أثمرت زيارة رئيس الدولة، حفظه الله، عن توقيع 19 مذكرة تفاهم واتفاقية تعاون في مجالات مختلفة، منها: الاستثمار، والإعلام، والصناعة، والسياحة، والصحة، والثقافة، والتعليم العالي، والملكية الفكرية، والطاقة الخضراء، والعلوم والتكنولوجيا، والتسامح والتعايش، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية. وتعزز هذه الاتفاقيات الجديدة من الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والصين، حيث تعد الإمارات الشريك التجاري الأول للصين في العالم العربي خلال 2023، كما تعد مشاركاً فاعلاً في مبادرة «الحزام والطريق» الصينية، لما تتمتع به من مقومات وقدرات تنموية وموقع استراتيجي ودور اقتصادي ريادي في المنطقة.
هذه التحركات الدبلوماسية الإماراتية تجاه الشرق تترافق مع توجهات مماثلة لتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والقوى الغربية، والتي كانت أحدث مظاهرها إعلان عملاق التكنولوجيا الأمريكي شركة «مايكروسوفت» ضخ استثمارات بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة G42 الإماراتية بتشجيع من الحكومة الأمريكية، أما المظهر الآخر الذي عكس أيضاً الدور العالمي المتصاعد للإمارات فتمثل في إعلان وزارة الخارجية عن نجاح جهود الوساطة، التي تقوم بها دولة الإمارات في إتمام عملية تبادل أسرى حرب جديدة بين روسيا وأوكرانيا للإفراج عن 150 أسيراً.
وهذه الوساطة- وهي الرابعة منذ مطلع العام الجاري، التي تنجح دولة الإمارات في تحقيقها– تجسد قوة العلاقات المتميزة بين الإمارات وكلا الجانبين والثقة الدولية في وساطتها وحرصها على تحقيق الاستقرار الدولي.
إن التقدير الدولي الواسع لدولة الإمارات وقيادتها الرشيدة هو تجسيد واضح لنجاح السياسة الخارجية الحكيمة والمتوازنة، التي انتهجتها دولة الإمارات من عهد القائد المؤسس المغفور له، بإذن الله تعالى الشيخ زايد، طيب الله ثراه، وهو النهج نفسه الذي تحرص على ترسيخه قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، والتي أصبحت تمثل القدوة والنموذج للآخرين في كيفية بناء العلاقات السياسية المتوازنة مع الدول المختلفة، وفق قاعدة رابح- رابح للجميع.