المتأمل للتصريحات المتعددة، وأقصد بذلك التصريحات الرسمية العلنية الصادرة عن مسؤولين أمريكيين، سوف يكتشف مدى التناقض والتضارب بين هذه التصريحات، وبعضها البعض.
شيء مذهل أن تبدو السياسة الخارجية للدولة الأكثر تأثيراً في العالم ومصالحه، متضاربة متناقضة على هذا النحو.
تعالوا، على سبيل المثال، وليس الحصر، نستعرض تصريحات الإدارة الأمريكية، عن يوم الأربعاء الموافق 5 يونيو.
ماذا سنجد؟
حول ملف واحد بعينه، وهو ملف الصراع والتوتر في الشرق الأوسط، صدر التالي:
قال جاك سوليفان مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض: «إن إسرائيل ملتزمة بمبادرة الرئيس جو بايدن حول إيقاف إطلاق النار في غزة».
وقال أيضاً في ذات التصريح: «إن إسرائيل تقدمت بتعديلات واقتراحات، ونحن الآن بانتظار رد (حماس) عليها».
وعاد وقال «إن واشنطن تسعى الآن إلى إدخال إسرائيل في هذه المفاوضات بحسن نية».
هنا يبرز السؤال: هل إسرائيل موافقة على مبادرة بايدن كما هي، أم تمارس كعادتها طلب المستحيل، من أجل تعطيل وإفساد الحل؟ ولماذا جاء ذكر إدخال إسرائيل بحسن نية، والمفاوضات في نهاية الأمر تعتمد على النتائج والالتزامات؟
ويأتي المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، الذي يدعم كلام سوليفان، لكنه يظهر احتجاج بلاده على نوايا إسرائيل في التصعيد العسكري على الجهة اللبنانية، بناء على تصريحات نتنياهو عند زيارته للجهة المواجهة للبنان، وإعلانه استدعاء 50 ألفاً من قوات الاحتياطي لدعم جبهة الشمال.
هنا نسأل، من أين التوافق على أفكار بايدن، والاحتجاج على فتح إسرائيل سقف التصعيد على جهة لبنان؟
كل يوم، يكتشف المحلل المحايد حزمة من عشرات التصريحات الرسمية التي تعكس حالة الارتباك السياسي لدى إدارة بايدن، التي قررت أن تلعب دور الإطفائي الذي يتفرغ يومياً لمداواة جراح التصريحات المتناقضة المتضاربة.
أوركسترا التصريحات الأمريكية فاقدة «للهارموني»، إنها نشاز!