التغيير صفة وخطوة دورية؛ حيث لا تستقيم الحياة إلا بالتغيير؛ لأن وجود التغيير يتماشى طبيعياً مع النظام البشري الفطري، فلا بد من وجود التغيير كعامل وآلية للتصويب وتصحيح المسار الحضاري للإنسان، قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد: 11].
عرف العلماء مفهوم إدارة التغيير بأنها عملية الانتقال من وضع قائم بالفعل إلى وضع مستهدف لتحقيق أهداف محددة في إطار رؤية واضحة مشتركة بين القيادة والعاملين، يتم من خلالها عمل تغييرات في نظام معين، حيث يتم تنفيذ هذه التغييرات بطريقة يمكن التحكم بها عن طريق اتباع إطار ونموذج محددين، ويتم إجراء ذلك بأسلوب منظم وممنهج، وبأقل التحديات المصاحبة لهذا التغيير.
للقيام بعملية التغيير في المؤسسات علينا أولاً تحليل ودراسة الوضع، ودراسة الحلول المناسبة، وتحديد الأهداف وأدوات التغيير، إلى جانب وضع خريطة الطريق لخطة التغيير بمراحلها الزمنية المختلفة، بداية من وضع الرؤية والخطة، وتنظيم وتنفيذ الخطة إلى التقييم والمتابعة. الهدف من إدارة
التغيير هو تعزيز القبول وتحسين النتائج الإيجابية المرتبطة بالتغييرات المنفذة. هذا بجانب تحديد الوقت المناسب للتغيير والأدوات المؤدية لنجاحه.
يعتبر دور القيادة في إدارة التغيير التنظيمي أمراً مهماً؛ حيث يعتبر القائد الشخص الذي يحدد الرؤية والاتجاه للتغيير. ويجب أن يكون لدى القائد رؤية واضحة للمستقبل المرجو، وأهداف محددة للتغيير، كما يجب أن يكون قادراً على توجيه وإلهام الفريق وتحفيزه لتحقيق هذه الأهداف المرجوة.
ومن أهم المحاور الداعمة للتغيير هو التخطيط الاستراتيجي الواقعي، الذي يلامس الحقائق والمعلومات والإحصاءات، ويتماشى مع التغييرات المنطقية والأهداف الاستراتيجية الموضوعة، هذا بجانب المرونة والذكاء العاطفي والقدرة على التعامل مع التحديات كافة.
ومن وجهة نظري لا بد من توثيق وعرض أفضل الممارسات العربية في إدارة التغيير، والاستفادة من هذه الخبرات الملهمة، والأهم إدراجها كمناهج تدرس في الجامعات والمدارس بمختلف التخصصات والمراحل التعليمية.
وأختم المقال بهذا الاقتباس عن التغيير: «لن يستطيع أحد العودة من الماضي والبدء من جديد، إنما يستطيع أن يبدأ من الآن ويصنع نهاية جميلة»، أحمد الشقيري.