تضر الرشوة بالمصلحة العامة حيث تنطوي على اتجار الموظف العام بوظيفته أو من في حكمه، واستغلالها لفائدته الخاصة، فتتخطى مقومات العدالة بحصول الراشي على ميزات أو خدمات يعجز عن الحصول عليها بدون الرشوة متخطياً حقوق الآخرين، بما يمثل إهداراً للقيم والعادات السائدة، وتشكل تهديداً لسلطة الدولة والقانون باعتبارها من أخطر الآفات التي تصيب الدولة، وأبلغ أنواع الفساد الذي يمكن أن يسري في أجهزتها.
وتقوم جريمة الرشوة على 3 أركان أولها: صفة الجاني، والثاني: الركن المادي للجريمة، والثالث: الركن المعنوي، وهي من جرائم الصفة ولا ترتكب إلا بتوافر صفة معينة في فاعلها، فإذا تخلفت هذه الصفة عن الفاعل تعذر قيام الجريمة كلياً لانعدام شرط التجريم، والصفة تقوم على الاتجار بالوظيفة العامة، فلا تقع الجريمة إلا ممن يملك سلطة التحكم بالوظيفة ألا وهو الموظف.
وتناول المشرع الإماراتي بموجب المرسوم بقانون اتحادي رقم 36 لسنة 2022 بشأن الجرائم والعقوبات تعريف الموظف العام فنص في المادة رقم «5» منه على أن يُعد موظفاً عاماً في حكم هذا القانون كل من يشغل وظيفة اتحادية أو محلية سواء كانت تشريعية أو تنفيذية أو إدارية أو قضائية وسواء كان معيناً أو منتخباً، كما نصت المادة «6» من ذات القانون على أن يعتبر موظفاً عاماً أجنبياً في حكم هذا القانون كل شخص يشغل وظيفة تشريعية أو تنفيذية أو إدارية أو قضائية لدى دولة أخرى، سواء كانت دائمة أو مؤقتة وسواء كان معيناً أو منتخباً وسواء كان بأجر أو بدون أجر، وأي شخص مكلف بأداء خدمة عامة، ويعتبر موظف منظمة دولية في حكم هذا القانون كل شخص يشغل وظيفة لدى منظمة دولية تكلفه بالتصرف نيابة عنها.
وينعقد الركن المادي لجريمة الرشوة بارتكاب نشاط إجرامي محدد يتمثل في الطلب أو القبول أو الأخذ لتحقيق غرض الاتجار بالوظيفة أو استغلالها، فنظراً لأن جريمة الرشوة مفسدة لا يستهان بها فقد وردت النصوص التشريعية العقابية من السعة على نحو يشمل كل صور الاتجار بالوظيفة أو بأعمالها أو حتى محاولة ذلك، فلا يشترط القانون لاعتبار الموظف مرتشياً أن يتسلم المقابل بالفعل، كذلك لا يشترط أن يتم الاتفاق عليه بين المرتشي وصاحب الحاجة إذ جعل المشرع من الطلب جريمة تامة ولو لم يصادف قبولاً من صاحب الحاجة أو الوسيط، فالموظف الذي يعرض أعمال وظيفته سلعة لمن يدفع ثمنها لا يقل إجراماً عمن يتم الصفقة.
إلا أنه يجب في الطلب أو القبول أو الأخذ أن يرد على وعد أو عطية ولا يشترط في الفائدة أن تكون محددة طالما كانت قابلة للتحديد ويجب أن يثبت أن المقابل قد طلبه الموظف أو قبله أو أخذه كثمن لأداء عمله، ويكون من قبيل الوعد أو العطية كل فائدة يحصل عليها المرتشي أو الشخص الذي عينه أياً كان اسمها أو نوعها وسواء كانت الفائدة مادية أو غير مادية.
وجريمة الرشوة من الجرائم العمدية التي يتطلب القانون فيها توافر القصد الجنائي لدى المرتشي ويتوافر هذا القصد باتجاه إرادة الجاني إلى طلب الرشوة أو قبولها أو أخذها عالماً بأنها مقابل الاتجار بوظيفته وبالتالي فالقصد الجنائي يتطلب عنصرين وهما: الإرادة والعلم فيجب أن تتجه إرادة الموظف إلى الطلب أو القبول أو الأخذ فلا يتوافر القصد الجنائي إذا تظاهر الموظف بقبول الرشوة للإيقاع بالراشي مثلاً، ويجب كذلك أن يعلم الموظف بأن الرشوة التي طلبها أو قبلها أو أخذها ليست إلا مقابل الاتجار بوظيفته أو استغلالها فلا يتوافر القصد الجنائي إذا تسلم الموظف مبلغاً من المال سداداً لدين على الراشي وغير عالم بنية هذا الأخير في إرشائه.
وعقوبة الرشوة وفقاً لنص المادة «275» من المرسوم بقانون سالف الإشارة إليه هي السجن المؤقت: «يُعاقب كل موظف عام أو مكلف بخدمة عامة أو موظف عام أجنبي أو موظف منظمة دولية طلب أو قبل أو أخذ وعداً بشكل مباشر أو غير مباشر بعطية أو مزية أو منحة غير مستحقة سواء لصالح الموظف نفسه أو لصالح شخص أو كيان آخر أو منشأة أخرى مقابل قيامه بعمل من أعمال وظيفته بسبب أو بمناسبة أعمال وظيفته أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجباتها ولو قصد عدم القيام بالعمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة أو كان الطلب أو القبول أو الأخذ بعد أداء العمل أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة».
كما نصت المادة «280» من ذات القانون على أن يُعاقب بالسجن المؤقت مدة لا تزيد على 5 سنوات كل من وعد موظفاً عاماً ومكلفاً بخدمة عامة أو موظفاً عاماً أجنبياً أو موظف منظمة دولية بعطية أو مزية أو منحة غير مستحقة أو عرضها عليه أو منحه إياها بشكل مباشر أو غير مباشر سواء لصالح الموظف نفسه أو لمصلحة شخص أو كيان آخر مقابل قيام ذلك الموظف بعمل من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه إخلالاً بواجباته.