يعد أسلوب القصة الرقمية، أو السرد الرقمي القصصي من أعظم أدوات الاتصال التي يمكن من خلالها تقديم المعلومات الخاصة بالأنشطة إلى الجمهور، فمن خلال هذا الأسلوب باستطاعتنا تقديم المعلومات المتعلقة بالمؤسسة باستخدام أدوات جاذبة يمكن أن تثير الجمهور بعيداً عن الكمّ الكبير والهائل من البيانات والمعلومات.

‎أحياناً البيانات والحقائق حول المبادرات الحكومية لا تكفي وحدها لإقناع الجمهور ودفعه للتفاعل مع المؤسسات، لأنها تخلو من الإقناع والصور والقصص والسرد، تكمن أهمية أسلوب السرد القصصي في سهولة استرجاع وتذكر القصص، إذ عادة ما يتذكر الجمهور القصص والحكايات أكثر من الحقائق النظرية، حيث يعتبر الأسلوب القصصي صاحب قدرة على مخاطبة العواطف والإلهام لكونه يعتمد على احتياجات الجمهور ودوافعه لاختيار العناصر وطريقة السرد التي تساعده على رؤية لمحات من حياته ضمن القصص، مما يجعله أكثر تأثيراً، وتعد عملية إدارة المعلومات وتقديمها للجمهور جزءاً مهماً من إدارات الاتصال الحكومي، ذلك لأن القطاع الحكومي يتعامل مع جماهير مختلفة وبمستويات معرفية وثقافية واجتماعية متباينة؛ لذا فإن استخدام السرد القصصي في إيصال رسالة المنظمة الحكومية الخدمية أو التنموية سوف يسهم حقاً في تحقيق التواصل الفعال مع المجتمع بكافة فئاته، إذ تستند فاعلية هذا الأسلوب إلى قدرته على تقديم سرد قصصي مفهوم وجذاب يثير انتباه الجمهور ويزيد من قابلية استيعاب المتلقي، وذلك لاعتماده على تقديم القصة من زوايا مختلفة بحيث يتلاءم هذا السرد مع نوعية الجمهور ومع جميع الأذواق مهما اختلفت ثقافتها وآراؤها وخلفياتها، بل إن أسلوب السرد القصصي يعتبر ضرورة مهمة لاستثمار البيانات المفتوحة، ويمثل مهارة مهمة للقيادات والموظفين تساعدهم على تحقيق تواصل أفضل مع العالم الخارجي والاقتراب من الجمهور، وينبغي على السرد الرقمي القصصي الحكومي أن يركز على دعم سياسات الحكومة وشرعيتها، وتعريف الموظف بأعمالها وجهودها باستخدام الصور والفيديو والمعلومات والرسم التي توضح أنشطة المؤسسة وإنجازاتها، وأن ترتبط بالمبادرات التي تنفذها الجهة الحكومية، والتي تصب في مصلحة المجتمع واحتياجاته، كما يمكن أن تركز على نماذج من المواطنين المستهدفين من النشاط أو المبادرة الحكومية، أو حتى على القيم والمشاعر الوطنية الإنسانية التي ترتبط بالهدف من المبادرة لدفع الجمهور للتفاعل والمشاركة في الفعاليات والمبادرات الحكومية.

 إن مصطلح السرد القصصي الرقمي من المصطلحات الحديثة التي ارتبطت بالاتصال الحكومي الذي يعرف برواية حكاية أو قصة باستخدام عناصر الوسائط المتعددة والاستفادة منها في تجسيد الأحداث والشخصيات والمواقف لتوفير بيئة متعددة المصادر تتمكن من إيصال المعلومة بأقصر وقت، وأقل جهد، وأكبر فائدة، وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي اليوم وسيلة من وسائل توظيف هذه القصص والعمل على نشرها، حيث أصبحت القائم بالاتصال في الإعلام الاجتماعي، وتتعامل مع تشكيلة واسعة من المحتوى في إطار الوسائط التفاعلية المتعددة؛ لذا من الضروري عند صناعة أي محتوى أن يتكيف مع خصوصية كل منصة ومراعاة فئة الجمهور، إن توصيل المعلومات من خلال اتباع أسلوب حكاية القصص يترك أثراً كبيراً في نفوس المتلقين؛ لأنه يتميز بالبساطة والقدرة على التذكر واستخدام التفاعل وتوظيف الوسائط المتعددة، ورغم أهمية هذا الأسلوب وجماليته وقربه من الجماهير، ولكن للأسف لم يظفر باهتمام كاف في البحوث العلمية من حيث منهجيته ومحتواه وتأثيره في مخرجات الاتصال الحكومي مقارنة بباقي الوسائل التي تستخدم في جذب الجمهور، نتطلع من الجهات والمؤسسات الحكومية الخدمية في الدولة الاستفادة من قصص وسرد الحكايات من الجمهور لتحسين خدماتها ومشاركتها مع المجتمع بما يفيد في دعم الاتصال الحكومي، وجعله أقرب إلى صوت المجتمع.