قرّر المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في الولايات المتّحدة الأمريكية في اليوم الأوّل لانعقاده تزكية ترشّح دونالد ترامب إلى انتخابات الرئاسة بنسبة 99 % من أصوات المجمّع الانتخابي الجمهوري، وأصبح ترامب المرشح الرئاسي الرسمي للجمهوريين، بعد حصوله على العدد الكافي من أصوات المندوبين في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري،
وينعقد المؤتمر على مدى 4 أيام في ولاية ويسكونسن ويتوّج غداً الخميس بخطاب يلقيه المرشّح لانتخابات الرئاسة ويستعرض فيه برنامجه للحُكْمِ. ووصل ترامب إلى ولاية ويسكونسن في وقت سابق من يوم الإثنين لحضور فعاليات المؤتمر، وكان ترامب أكّد أنه لن يسمح لمحاولة اغتياله بأن تغيّر جدول أعماله، مشدّدا على حضوره المؤتمر الوطني للجمهوريين.
وأُعلن في ذات اليوم اختيار المرشّح لخطّة نائب الرئيس السيناتور عن ولاية أوهايو، جيه دي فانس، وقد رجّح دونالد ترامب كفّة دي فانس، باعتماد معايير عديدة، منها أنّه يحتاج نائباً يساعده على الفوز في الانتخابات، وهو ما يبدو أنّها تتوفّر في المرشح لهذه الخطّة، وخصوصاً معيار السنّ الذي يساعد على استقطاب شريحة الشباب، وهو من الجيل الجديد لليمين الجمهوري، إضافة إلى معيار الانتماء إلى ولاية أوهايو، التي تُعد مرحلة مهمّة في الاستحقاق الانتخابي الرئاسي، فضلاً عن أصوله الثقافية والحضارية والدينية المتنوعة.
ويتمّ انتخاب الرئيس الأمريكي ونائبه كلّ أربع سنوات عن طريق المجمع الانتخابي الذي يتكون من 538 مندوباً أو ما يسمّى بالناخبين الكبار، ويحتاج الفائز بمنصب الرئيس إلى 270 صوتاً على الأقل من مجموع أصوات أعضاء المجمع الانتخابي.
ويتنافس ترامب مع الرئيس الأمريكي الحالي ومرشّح الحزب الديمقراطي جو بايدن، الذي يلقى صعوبة بالغة في الإقناع بقدرته على الحُكْمِ لمدّة نيابية ثانية، حتّى في صفوف حزبه، حيث تكثّفت عليه الضغوط لحمله على التنحّي ولكنّه ما زال يصرّ على ترشّحه.
ورغم أنّ نتائج استطلاعات الرأي ما زالت متقاربة بين ترامب وبايدن، حيث يتقدّم ترامب بأقلّ من نقطتين عن بايدن (42% مقابل 40%)، إلّا أنّ محاولة الاغتيال التي تعرّض لها المرشّح الجمهوري ونجاته بأعجوبة ترى فيها شرائح واسعة من الجمهوريين ومن الأمريكيين عموماً رسالة ربّانية، مفادها أنّ دونالد ترامب أنقذته الأقدار من أجل مهمّة قيادة أمريكا، ومعلوم أنّ ما يقرب من الـ80 % من الأمريكيين متديّنون أو محافظون.
ومن الواضح أنّ ترامب والحزب الجمهوري يوظّفان بشكل كبير النجاة من محاولة الاغتيال، وذلك باستعمال المشاعر الدينية الراسخة لدى المواطن الأمريكي، ويكاد خطاب ترامب لا يخلو من مفردات ومعانٍ واستخلاصات دينية، ويكاد المؤتمر الوطني للجمهوريين يتحوّل إلى حفل ديني
وفي المقابل تأتي محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرّض لها دونالد ترامب لتعقّد أكثر وضعية الديمقراطيين، وتُضعف حظوظهم في الفوز بالاستحقاق الانتخابي الرئاسي.
وقد فرضت محاولة الاغتيال هذه على طرفي النزاع الانتخابي اللجوء إلى خطاب التهدئة ووحدة الأمريكيين، وسواء تعلّق الأمر بالرئيس الحالي جو بايدن أو الرئيس السابق دونالد ترامب، فإنّهما سارا في نفس نهج التهدئة، وهو تمشٍّ سحب من بايدن ورقة التهدئة والوحدة التي ميّزته عن خصمه الجمهوري ومكّن ترامب في المقابل من تعديل أوتار حملته الانتخابية على أُسُسٍ أكثر توازناً.
ويبدو أنّه لم يبقَ أمام الديمقراطيين للمحافظة على إمكانية تحقيق النصر أمام دونالد ترامب، سوى تحقيق صدمة في صفوف الديمقراطيين والأمريكيين عموماً وذلك بتغيير المرشّح، ويتّجه رأي العديد إلى اختيار نائبة الرئيس الحالي كامالا هاريس مرشّحة للديمقراطيين قادرة على خلق توازن أكبر مع ترامب وربّما الفوز بالانتخابات.
إنّ ترامب الذي كان رقماً مجهولاً قبل فوزه بالانتخابات سنة 1916، ثمّ أصبح أكثر حدّة في الخطاب وفي الممارسة سنة 2020، ووصل به الأمر إلى حدّ رفض نتائج الانتخابات، ترامب هذا الذي آمن دوماً أنّ البقاء للأقوى، يبدو أنّه أصبح سياسياً بصفة أكبر وأكثر ليونة في مواقفه، وهو ما قد يعطيه ورقة أخرى رابحة في نزاعه مع بايدن الذي يلعب مع حزبه الديمقراطي ورقة البقاء والوجود.