أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن قرار تنحيه عن سباق الرئاسة بعد طول انتظار، إذ ومنذ تعرض المرشح الجمهوري دونالد ترامب لمحاولة الاغتيال في ولاية بنسلفانيا، تعمق الفارق بين ترامب وبايدن بشكل أصبح يهدد حظوظ الديمقراطيين في الفوز بالرئاسة.

وربما خسارة مواقع عديدة في مجلسي النواب والشيوخ، وهو ما قد يكون دفع بعض الديمقراطيين النافذين على غرار الرئيس الأسبق باراك أوباما إلى الضغط على جو بايدن من أجل الانسحاب، وترك منافسة ترامب لشخصية ديمقراطية قادرة أن توفر فرصة للحزب من أجل الفوز بالرئاسة، وتحسين الموقع في الكونغرس الأمريكي.

مائة يوم تفصل الولايات المتحدة عن موعد الاستحقاق الانتخابي المقبل، والمقرر إجراؤه يوم الثلاثاء 5 نوفمبر 2024، وسينتخب الأمريكيون رئيساً، ونائباً للرئيس لمدة أربع سنوات مقبلة.

وقد سبق قرار بايدن التنحي عن سباق الرئاسة «لمصلحة الحزب ومصلحة أمريكا»، كما علل الرئيس الأمريكي ذلك في قرار التخلي عن المنافسة مع ترامب، بعد أسابيع من مقاومة الدعوات التي تطالبه بالتنحي عن المنافسة، سبق ذلك حالة عزلة أصبح يعيشها مع الحزب ومع المانحين.

وفي علاقة بنتائج استطلاعات الرأي، حيث لم يكن يلاحظ التراجع المستمر لنوايا التصويت لفائدته في عدد من الولايات الأمريكية، وقد عجلت هذه العزلة بقرار بايدن التراجع وترك المنافسة لغيره قبل أقل من شهر عن انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي.

بايدن أكد أنه سيواصل بقية فترة رئاسته، ولكنه أيد ترشيح نائبته كامالا هاريس لتحل محله كمرشحة للحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية، وهو تأييد وضع الحزب الديمقراطي في طريق غامض نظراً لقصر المدة التي ما زالت تفصله عن موعد انعقاد مؤتمره لتعيين مرشحه للاستحقاق الانتخابي الرئاسي.

ومع بدء العد التنازلي للانتخابات بدأت تطرح تساؤلات حول قدرة كامالا هاريس على منافسة ترامب، وبدأت هاريس في المقابل رحلة إثبات قدراتها الشخصية وأحقيتها في خوض الانتخابات وقدرتها على هزيمة ترامب، والأكيد أن ترشيح كامالا هاريس للمنافسة على الانتخابات أحدث رجة إيجابية في صفوف الديمقراطيين، حيث تواترت المساندة لها من أعمدة الحزب الجمهوري.

وحرك الحدث المانحين الذين ضاعفوا من مساندتهم، وجمعوا في 24 ساعة من ترشيحها قرابة 100 مليون دولار لدعم الحملة الانتخابية، وفي المقابل أحدث هذا الترشيح إرباكاً واضحاً لحملة دونالد ترامب، الذي فقد في بعض الولايات تسع نقاط كاملة.

ورغم أن عديد الديمقراطيين يرون في كامالا هاريس مرشحة الضرورة، إلا أن العديد منهم يطالبون بتسريع النواحي الإجرائية لتعيينها حتى تتمكن من القيام بحملة انتخابية تفتح لها أبواب الفوز، وتعيد الأمل للحزب الديمقراطي

مساندو هاريس يرون أن ماضيها المهني والنضالي يجعلها مؤهلة للحديث باسم العدالة وباسم الأقليات وباسم المرأة، وباسم أمريكا متعددة الثقافات والأعراق.

وذلك على نقيض ترامب الذي كرس خطاب التفرقة، حتى إنه فشل في الترويج لخطاب الوحدة بعد محاولة الاغتيال التي تعرض لها، ولم يصمد خطابه الجديد أكثر من يومين، وهو إلى ذلك لم يكن المثال في الالتزام بالقانون، وقد تمت إدانته 34 مرة في قضايا مختلفة.

الصراع إذن بين رؤية الديمقراطيين، التي تقوم على الوحدة واحترام الحقوق رغم ما يعاب عليها من تعامل بسياسة المكيالين في بعض القضايا الدولية، وخصوصاً قضية الشعب الفلسطيني، ورؤية الجمهوريين وتحديداً دونالد ترامب، الذي يبدو أن مواقفه طغت على مواقف حزبه التقليدية، ليصبح خطابه دعوة مفتوحة للانقسام في مجتمع أمريكي بدأ يفقد ريادته على مستوى العالم.

إن الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة هي مفصلية لمستقبل أمريكا، وهي تتم في مناخ دولي يتميز بعودة قوية لنظام التعددية القطبية، ولا يبدو أن الظروف التي أدت سنة 2016 إلى انتخاب دونالد ترامب هي ذاتها الآن، رغم تنامي موجة اليمين القومي والمتطرف في عدد من الدول الديمقراطية الغربية، وهو ما يرجح أنها ستكون انتخابات تنافسية ومتقاربة وربما تكون نتائجها مفاجئة.