الانتخابات الأمريكية المقبلة في نوفمبر قد توصل إلى البيت الأبيض إما كامالا هاريس مرشحة الديمقراطيين، أو دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري، ومن يتابع أخبار الحملات الانتخابية يستطيع أن يلاحظ أن المعركة حامية، تقريباً يستخدم فيها كل ما يمكن أن يساعد في ميل الجمهور إلى هذا الحزب أو ذاك، منها الحقائق، ومنها الاتهامات الحادة.
الإجابة عن السؤال في العنوان، في الغالب نعم يعنينا، ولكن يعنينا بشكل نسبي!
المصالح الأمريكية في العالم وفي منطقتنا أسسها ثابتة، بمعنى أن أية إدارة تصل إلى البيت الأبيض ستتبع تعزيز تلك المصالح. الفرق في الدرجة، وليس في النوع.
ترامب يعتني أولاً بالموضوع الاقتصادي، ومن ثم بعد درجات بالموضوع القيمي، أما كامالا وكونها تمثل الفكر الديمقراطي، فقد تعتني بالقيم أولاً، ثم بالاقتصاد ثانياً.
كلا الأمرين لا يعني الكثير للمنطقة، فلم تعد أمريكا كما يكتب حولها في بعض إعلامنا أنها (تأمر فتطاع). لقد ذهب ذلك الزمن، وأصبح للدول والأقاليم القدرة على اتباع مصالحهم بصرف النظر عن رضا الولايات المتحدة أو غضبها، وبخاصة في الموضوعات التي تراها تلك الدول حاسمة لمصالحها.
أمامنا مثال في قدرة أمريكا على وقف الحرب في غزة، رغم كل الفظائع التي ترتكبها إسرائيل. وزير الخارجية الأمريكي يزور المنطقة في عشرة أشهر تسع مرات حتى الآن، والأمور لا تتغير، أمام ما يراه الطرفان المتحاربان من مصالح لهما لا تقبل التنازل.
كما علينا ألا نضخم، كما يذهب البعض، أن الصراع في غزة، أو في الشرق الأوسط، يؤثر كثيراً على نتائج الانتخابات، رغم كل ما نراه من مظاهرات تطالب بوقف إطلاق النار، تلك أقلية لا تؤثر في خيارات المرشحين بشكل كبير، فقط مؤثرة في عقول بعضنا. ما يؤثر في نتائج الانتخابات هو الوضع الاقتصادي الداخلي مثل التضخم ونسبة البطالة والهجرة المؤثرة على سوق العمل والضرائب والصحة والسكن، وغيرها من القضايا الداخلية.
من الأقوال التي يتوجب تذكرها ما قاله الأمير بندر بن سلطان، وهو الذي قضى وقتاً غير قصير في دهاليز صناعة القرار في أمريكا، قال: «على أعداء أمريكا أن يحذروها.. أما أصدقاؤها فعليهم أن يحذروها أكثر»، ذلك يلخص غلبة المصالح على المبادئ في العمل السياسي والدبلوماسي الأمريكي. ويمكن أن تتغير البوصلة متى ما تغيرت الظروف على الأرض.
اهتمام أمريكا بالصراع في الشرق الأوسط الآن مركز على هدف واحد هو (عدم توسيع رقعة الحرب) وليس حقوق الشعب الفلسطيني أو غيره من الأهداف، والسبب مترابط، فهي بالتأكيد حليف لإسرائيل، بسبب قدرة الأخيرة على التأثير من الداخل الأمريكي، وليس بسبب (عشق خاص لساسة إسرائيل).
ولأنها حليف فإنه في حال توسع رقعة الحرب، قد تضطر للدخول فيها مباشرة، وذلك ما لا يرغب فيه الناخب الأمريكي في هذه المرحلة الانتخابية، فالنتيجة التي يراد أن يوصل لها هو تجميد الصراع بين الطرفين، وليس إنهاءه. أما بعد الانتخابات فلكل حادث حديث.
لم أسطر ما سبق لأقول إن علينا أن نكون إما أصدقاء أو أعداء لهذه الدولة الكبيرة. القصد أن يكون للإقليم الخليجي (حجرة مشورة) خلفية لتنسيق السياسات والمواقف وتقارب الصفوف، للتأثير على سير الأحداث بعد الانتخابات في نوفمبر القادم، بعد أن تنتهي (هوجة) الفصل الانتخابي.
تنسيق المواقف لبيان مصالحنا الجمعية، حتى لا نفاجأ بمصفوفة سياسات قد تؤثر بعمق في مصالحنا. من هنا فإن نتائج الانتخابات هناك تعنينا، وعدم التنسيق له مخاطره!