في اليوم الــ 322 من العمليات العسكرية الوحشية للجيش الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني في غزة، خرجت أكبر تظاهرة إسرائيلية ضد حكومة نتنياهو، معلنة هذا اليوم يوم إضراب عام احتجاجي.
ومما يعطي هذه التظاهرة قيمة متزايدة، عدة عناصر، يمكن تحديدها على النحو التالي:
1 - أن التظاهرة صاحبها إضراب عام، ليوم ينذر بإمكانية تمديده.
2 - أن هذه التظاهرة شارك فيها هذه المرة، ودعا إليها تنظيم «الهستدروت»، وهو التنظيم النقابي الأهم الجامع لكل نقابات عمال الدولة العبرية.
3 - و«الهستدروت» هي المنظمة العامة للعمال في أرض إسرائيل، ويبلغ عدد أعضائها 800 ألف عامل، وتأسست في حيفا 1920، وهي التنظيم الداعم تاريخياً لحزب العمل الإسرائيلي.
4 - أن هذه التظاهرة تتواكب مع خلاف حاد بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع، حول ضرورة التراجع عن قرار المجلس الوزاري الخاص بالبقاء في مثلث فيلادلفيا.
وفي هذا الاجتماع، نشب خلاف علني، وصل إلى حد الصراخ والتراشق بالألفاظ، وفيه قال نتنياهو: «إن الانسحاب من فيلادلفيا هو خيانة وجائزة للإرهاب».
5 - ترافق هذا كله مع الغضب الشعبي، عقب الإعلان عن استعادة 6 جثث من الرهائن، تم العثور عليها في أنفاق غزة، واتهام قطاعات كبيرة من الرأي العام لنتنياهو بالمسؤولية عن «قتلهم»، بسبب رفضه وإصراره المتعمد على عدم إنجاز صفقة التبادل، من أجل تمديد عمره السياسي في رئاسة الحكومة.
6 - وجاء تصريح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد، حول شهادته بأن «نتنياهو تجاهل تماماً»، تحذيراً رسمياً من الأجهزة الرسمية، عن عمليات قادمة في غزة من تنظيم «حماس»، وذلك قبل 7 أكتوبر بثلاثة أشهر على الأقل، كي يضع نتنياهو في موقف شديد الحرج، ويؤشر لشكل اتهامات التقصير المقبلة، عقب إيقاف النار.
إضاعة فرص التهدئة التكتيكية، هي جزء من الرفض الاستراتيجي لحكم نتنياهو لأي سلام، وأي تسوية حقيقية مع الفلسطينيين.
ويكفي أن نتنياهو وجّه قواته بعمل 1228 عملية في الضفة الغربية، خلال شهر أغسطس وحده.
ويكفي أنه لم يتوقف عن التحضير لعمليات جديدة في لبنان وسوريا واليمن.
هل يستطيع نتنياهو أن يقاتل الرأي العام، ودول المنطقة، وتهديد اتفاقيات السلام القديم والجديد، اعتماداً على أغلبية هزيلة في الكنيست؟