يجتمع قادة العالم بعد أيام قليلة في حدث عالمي بالغ الأهمية، وهو مؤتمر القمة المعني بالمستقبل، الذي ستنظمه الأمم المتحدة يومي 21 و22 سبتمبر 2024.
أهمية هذا المؤتمر أنه الأول من نوعه الذي يجتمع فيه قادة العالم للتوصل إلى توافق دولي في الآراء بشأن كيفية تحقيق مستقبل أفضل للبشرية وللأجيال المقبلة، من خلال العمل على إيجاد نظام دولي أكثر استعداداً للتعامل مع التحديات التي نواجهها حالياً وتلك التي سنواجهها في المستقبل.
هذا المؤتمر الدولي غير المسبوق، ستخرج عنه ثلاث وثائق دولية مهمة، الأولى هي ميثاق المستقبل، الذي لا تزال تتفاوض عليه حكومات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ويتضمن فصولاً حول التنمية المستدامة والتمويل من أجل التنمية، والسلام والأمن الدوليين، والعلوم والتكنولوجيا والابتكار والتعاون الرقمي، والشباب والأجيال القادمة، وتحويل الحوكمة العالمية.
والوثيقة الثانية تدور حول ميثاق رقمي عالمي، وهو عبارة عن إطار عالمي شامل يهدف للتغلب على الفجوات الرقمية والفجوات في البيانات والابتكار وتحقيق مستقبل رقمي مفتوح وحر وآمن للجميع. أما الوثيقة الثالثة، فهي، إعلان بشأن الأجيال المقبلة، والذي سيتضمن وضع أهداف وآليات عمل من أجل حماية مصالح الأجيال المقبلة، تطبيقاً لمبادئ الاستدامة.
النقطة المهمة في هذا المؤتمر هو أنه ربما يمثل المحاولة الأولى التي تجمع كل حكومات العالم من أجل التفكير في مستقبل أفضل للبشرية، ورغم أن هناك مبادرات واستراتيجيات ووثائق أقرتها الأمم المتحدة في السابق ترسم مسار المستقبل في قطاعات ومجالات محددة، فإن هذا المؤتمر يتميز بالشمول، أي الرؤية الشاملة لمحاولة بناء مستقبل مشرق للجميع.
كما يمثل أيضاً محاولة لاستكشاف جوانب الفشل والقصور وكذلك العقبات التي حالت دون تحقيق الأهداف الكبرى للأمم المتحدة، ولا سيما فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة الـ17، والتي لا تزال بعيدة عن التحقق باعتراف الأمم المتحدة.
وبينما يمضي العالم المتقدم والناهض في سباق محموم نحو الريادة والهيمنة في المستقبل متسلحاً بالتكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية، تبدو التحديات أكبر، فالفقر المدقع والجوع يتصاعدان، والانبعاثات الدفيئة هي اليوم في أعلى مستوياتها في كل التاريخ البشري، وكذلك هي معدلات نزوح البشر، كما تشتد حدة التهديدات المتصلة بالمناخ والنزاعات والأمن الغذائي وأسلحة الدمار الشامل والجوائح والأزمات الصحية، فضلاً عن المخاطر المرتبطة بالتكنولوجيات الجديدة. إن كل هذه التحديات تتطلب رسم مسار عالمي واضح ومتفق عليه لمواجهتها، والسير معاً نحو مستقبل مزدهر للجميع.
ضمن هذا السياق، تقدم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً رائداً في عملية التخطيط للمستقبل، يمكن اعتماده خلال القمة باعتباره من أفضل الممارسات العالمية في التخطيط للمستقبل، فالدولة تضع المستقبل وحق الأجيال المقبلة في التنمية والازدهار في جميع خططها واستراتيجياتها المستقبلية، وتملك رؤية طموحة لتكون من أفضل دول العالم في السنوات الخمسين المقبلة وفق رؤية الإمارات 2071، كما أنها أصبحت من أكثر الدول استثماراً في مجالات الثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي التي يُنظر إليها باعتبارها مفتاح التخطيط للمستقبل.
وبطبيعة الحال لن يكون ذلك جديداً، فقد سبق واعتمدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالإجماع اليوم الوطني لدولة الإمارات الموافق الثاني من ديسمبر يوماً عالمياً للمستقبل تحتفي فيه كافة دول العالم باستشراف مستقبلها التنموي وجاهزيتها في صناعة فرصها وخططها لأجيالها المقبلة، وذلك تأكيداً لصواب رؤيتها المستقبلية باعتبارها دولة مستقبل.