يعد الاهتمام بالطفولة من القيم المتوارثة، والمتأصلة في المجتمع الإماراتي، إذ حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على ترسيخ هذه القيم وديمومتها لرعاية الأطفال، وبدعم من القيادة الرشيدة تسعى مؤسسات الدولة إلى العناية بالأطفال، وضمان حقوقهم وحماية حياتهم وصحتهم النفسية والاجتماعية والعقلية، من خلال بيئة تشريعية داعمة، تسهم في بناء طفل يتحمل واجباته الوطنية، واعياً بحقوقه، منتجاً وقادراً على المشاركة الفاعلة، وأصدرت دولة الإمارات القانون رقم 3 لسنة 2026 بشأن حقوق الطفل «وديمة»، الذي نصت المادة الثالثة منه على أن «يكفل هذا القانون تمتع الطفل بجميع الحقوق المقررة بموجبه، والتشريعات الأخرى السارية في الدولة وحمايته دون تمييز، بسبب أصله أو جنسه أو موطنه أو عقيدته الدينية أو مركزه الاجتماعي».
كما كفل القانون الحقوق الثقافية للطفل بالمادة 25، التي نصت على أن «للطفل الحق في امتلاك المعرفة ووسائل الابتكار والإبداع، وله في سبيل ذلك المشاركة في تنفيذ البرامج الترفيهية والثقافية والفنية والعلمية، التي تتفق مع سنه، ومع النظام العام والآداب العامة»، وقد أعطى القانون الحق للسلطات المختصة والجهات المعنية في الحفاظ على حق الطفل في الحياة والبقاء والنماء، وتوفير كل الفرص لتسهيل ذلك، والتمتع بحياة حرة آمنة، وحماية الطفل من كل مظاهر الإهمال والاستغلال وسوء المعاملة، ومن أي عنف بدني أو نفسي.
وترفض كل الأعراف التنمر بكل صوره كالاعتداء اللفظي أو الجسدي أو الإلكتروني خاصة فيما يتعلق بالأطفال بل جَرّمَته القوانين نظراً لآثاره السلبية على كل من الفرد والمجتمع، حيث يؤدي إلى بيئة غير صحية، تسلب الشعور بالأمان والاستقرار النفسي، كما أن الإجهاد المستمر الناتج عن التنمر يؤدي إلى اضطرابات صحية وجسدية، تتفاقم مع مرور الوقت، كذلك يعد عائقاً رئيسياً يحول دون تحقيق مبدأ المساواة والعدالة، إذ يحرم الأفراد من التعبير عن آرائهم وإظهار إبداعاتهم، ويقلل من استفادة المجتمع من تنوع الخبرات والمواهب، كما أنه يعمل على إيجاد جدران فاصلة بين الأفراد والمجتمع، ويقلل من مستوى الثقة والتعاون بينهم.
ومن الأهمية بمكان الانتباه إلى تصرفات الأطفال وأخذها على محمل الجد، وعدم تجاهل المزاح المؤذي بينهم، إذ يمكن أن تكون لهذه التصرفات آثار خطيرة، تؤثر في الأطفال من عدة جوانب، أقلها فقدان الطفل الشعور بالأمان واحترام الذات، مع الأخذ في الاعتبار بأن الأطفال في كثير من الأوقات لا يتنمرون، لأنهم أطفال سيئو فهم، يحاولون ممارسة عدة سلوكيات لا تعكس شخصياتهم، إنما يستكشفون الأمور من خلال هذه التصرفات دون درايتهم إن كانت سيئة أم جيدة، وهنا يجب على الأسرة تصحيح تلك المفاهيم الخطأ لدى أولادهم، والتي أوجدت طفلاً متنمراً ينبذه المجتمع، بسبب مشكلات أو ضغوطات نفسية، يعيشها ذلك الطفل في بيته وسط أسرته، كتعرضه للتخويف، ما يدفعه إلى محاولة استعادة الشعور بالقوة بالتصرف بقسوة مع الآخرين والتنمر عليهم، وقد يشعر بعض الأطفال بأن التنمر سلوك طبيعي، لأنهم يعيشون في محيط اجتماعي أو أسري يتنمر فيه الجميع، وهنا يجب على الآباء توعية الأطفال حول خطورة التنمر في سن مبكرة، وإصلاح أي سلوك يدعو لذلك، ويجب أن يكون الطفل على دراية بتصرفاته الخطأ وعواقبها، وتعليمه كيفية حل المشكلات الاجتماعية، والتعامل مع عواطفه دون اللجوء لهذا السلوك العدواني.
الأولى أن يعيش الطفل طفولته دون ضغوط الشهرة، فهو ليس سلعة للعرض، وما نراه اليوم من إشراك الأطفال في مسابقات منظمة من منصات إعلامية سواء كانت مرخصة أو غير مرخصة داخل الدولة يمثل خطراً كبيراً، يتسبب في ضياع هويتنا، ويخالف أعرافنا وعاداتنا وتقاليدنا، التي نشأنا عليها في حضن الوطن، فبعض تلك البرامج تسلب براءة الأطفال وتعرضهم لمشاكل نفسية، فتنمية المواهب يجب أن تكون عبر المسابقات الثقافية والفكرية الهادفة، التي تنظمها الجهات الرسمية، حيث تتفق شروطها وأغراضها مع النظام العام والآداب العامة في الدولة، بما يبني أجيالاً تواكب التطور، وتحافظ على الهوية الوطنية، فهم عماد المستقبل، وذخيرة الأمة وعدتها.