عدا عن اكتناز الأفلام المصرية بكلمة «جزمة» (حذاء) كشتيمة دارجة كقول عبدالسلام النابلسي في أحد الأفلام «شايف جوز الجزمة ده، دا أحسن من جوز خالتك»، تناولت السينما العالمية والعربية «الحذاء» كمحور لقصصها أكثر من مرة، منذ أن تطرقت بتنويعات مختلفة إلى حكاية سندريلا وحذائها وحكاية علاء الدين وحذائه. من أمثلة ذلك الفيلم الأمريكي «وجه مضحك» للمخرج ستانلي دونين من بطولة أودري هيبورن وروبرت فليمنغ سنة 1957، حيث لعب حذاؤها دوراً في الرقص والأجواء الاستعراضية للفيلم، وفيلم «الرجال يفضلون الشقراوات» للمخرج هاوارد هوكس من بطولة مارلين مونرو وجين راسل في عام 1953، حيث يلعب الحذاء المصنوع من الساتان الأسود والأحمرر دوراً مبهراً لصالح مونرو في رقصها بانسيابية وتشكيلات حركية جميلة.
ومن الأمثلة الحديثة فيلم «في حذائها» للمخرج كورتس هانسون سنة 2005، وهو فيلم أمريكي كوميدي من بطولة كاميرون دياز وشيرلي ماكلين وتوني كوليت عن شقيقتين عاشتا حياة غير مستقرة بعد وفاة والدتهما وزواج والدهما من امرأة أخرى، وفيلم «Air» للمخرج «بن أفليك» وبطولته مع مات ديمون وفيولا ديفيس وجيسون بيتمان في عام 2023، وهو فيلم يستحضر قصة توقيع شركة «نايكي» للأحذية الرياضية عقداً مع أسطورة كرة السلة مايكل غوردان وتحويل الأخير إلى أيقونة عالمية. وهناك فيلم أمريكي كوميدي/ فانتازي من عام 2014 هو فيلم «الإسكافي The Cobbler» من تأليف وإخراج «توماس مكارثي» وبطولة آدم ساندلر. وتدور قصة الفيلم حول الشاب متوسط الذكاء والعمر والطول «ماكس سيميكن» الذي يعمل إسكافياً داخل محل ورثه عن عائلته النيويوركية، ليكتشف ذات يوم وجود آلة سحرية لخياطة الأحذية تتيح له التدخل في حياة زبائنه وتقمص شخصياتهم بطولها وشكلها وهيئتها من خلال لبس أحذيتهم، فيرى العالم من منظورهم.
وفي السينما الإيرانية نجد الفيلم الكوميدي «حذاء ميرزا» الذي أخرجه محمد موتيفسلاني سنة 1985 عن قصة لداريوش فرهنك، وبطولة علي نصيران ومحمد علي كشاورز وكاظم أفرندنيا، وفيه يرفض بطل الفيلم العطار «ميرزا نوروز» التخلص من أحذيته القديمة حتى أصبح أضحوكة عند أهل مدينته، ناهيك عن ترك زوجته وأبنائه له، الأمر الذي يجبره على ترك أحذيته البالية، ولكن المفاجأة أن الأحذية ترفض تركه بسهولة.
عربياً، نجد في الأفلام المصرية التي تمحورت حول الحذاء، فيلم «مطاردة غرامية» للمخرج نجدي حافظ في عام 1968، حول المراقب الجوي الشاب منير (فؤاد المهندس) ذي الأطوار الغريبة ومنها ولعه بصورة مرضية بالأحذية النسائية. كما نجد الفيلم الأردني القصير «الحذاء» الذي أنتجه التلفزيون الأردني سنة 1989 عن قصة للكاتب محمد طملية، وهو يتحدث عن طفل فقير للغاية تحضر له أمه حذاء نسائياً ومعطفاً كبيراً لكي يحميه من المطر وقت ذهابه إلى المدرسة، لكن الطفل يخبئهما ويذهب إلى مدرسته حافياً ليجد لجنة توزع أحذية على الطلبة الفقراء، فيكون نصيبه حذاء مقاسه أكبر من قدميه.
الكاتبة المصرية ناهد صلاح أضافت إلى ما سبق في مقالها بصحيفة «اليوم السابع» القاهرية (2023/7/20)، الفيلم البحريني «الحذاء الذي يصغر كل ليلة» للمخرجة تقوى محمد جواد. وهذا الفيلم الذي تم عرضه في دورة سابقة من «مهرجان أفلام السعودية»، وحاز شهادة تقدير من مهرجان البحرين السينمائي في دورته الثانية، يحكي عن طفل لا ينام خوفاً من أن يصغر عليه حذاؤه في اليوم التالي. كما تحدثت الكاتبة عن عمل سينمائي بحريني آخر تم عرضه في الدورة الفائتة لمهرجان أفلام السعودية هو فيلم «في حذائي» للمخرج لؤي التتان، حيث قالت: «فيلم لؤي التتان يمثل تجربة خاصة ويقدم في قالب من الفانتازيا حكاية ترصد دورة حياة الحذاء، منذ بداية شرائه ثم ارتدائه إلى تمزيقه، ليذهب من رجل شديد الثراء إلى رجل فقير للغاية، فتتغير حياته وتصبح مختلفة تماماً، بدرجة تعطي انطباعاً بأن الحذاء ذاته اكتسب خبرة قوية في الحياة البشرية، وهو ما أشار له المخرج في بيانات الفيلم».