رسائل الحب والغرام والعشق والهيام كثيرة ومتنوعة من حيث الصيغة التعبيرية والقوة البلاغية، وهذه تعتمد على الملكات الأدبية لصاحبها، وظروف وأسباب كتابتها، وماهية المشاعر الدفينة المراد التصريح بها للمحبوبة.
وقد قدمت السينما المصرية العديد من رسائل الحب الرومانسية المتبادلة بين بطل الحدوتة وبطلتها من تلك التي داعبت مخيلة الجمهور وألهبت مشاعره، خصوصاً في الأفلام التي أنتجت في حقبة الستينيات حينما كانت الرسائل هي الوسيلة المثلى لتبادل المشاعر، أي قبل أن تنتشر الهواتف ووسائل التواصل الحديثة التي أحالت الورق والقلم والحبر والمظاريف الجميلة وما يصاحبه من لهفة وشوق وانتظار إلى التقاعد، بل أنهت حتى دور البريد وساعي البريد.
كنت أحسب أن أشهر خطاب حب سينمائي هو ذلك الذي كتبه محمود (عماد حمدي) لحبيبته منى (فاتن حمامة) وهو على فراش الموت في فيلم «بين الأطلال» (1959) قصة يوسف السباعي، والذي جاء فيه:
«يا توأم الروح.. يا منية النفس الدائمة الخالدة.. يا أنشودة الفؤاد في كل زمان ومكان.. مهما هجرت، ومهما نأيت.. عندما يوشك القرص الأحمر القاني على الاختفاء أرقبيه.. فإذا ما رأيت مغيبه وراء الأفق أذكريني».
لكني وجدت من يقول إن هناك رسائل حب سينمائية أخرى أكثر شهرة، وأعمق معنى ومنها: الرسالة التي كتبها حسين (صالح سليم) لحبيبته ليلى (فاتن حمامة) في فيلم «الباب المفتوح» (1963) قصة لطيفة الزيات، والتي جاء فيها:
«وأنا أحبكِ، وأريد منكِ أن تحبيني، ولكن لا أريد منكِ أن تفني كيانكِ في كياني، ولا في كيان أي إنسان، أريد لكِ كيانكِ الخاص، المستقل، والثقة التي تنبعث من النفس لا من الآخرين». والذين صنفوا هذه الرسالة كأقوى رسائل الحب السينمائية كان حجتهم هي أنها ليس خطاب غرام عادياً، بل دعوة للحياة، وللتحرر، وللثقة بالنفس، والمضي قدماً إلى حيث لا قيود تقيد المرء.
وهناك من أشار إلى الرسالة التي كتبها الضابط خالد (عمر الشريف) لعشيقته نوال (فاتن حمامة) وأرفقها مع بوكيه ورد بمناسبة رأس السنة الميلادية، في فيلم «نهر الحب» (1960) المقتبس عن قصة «أنا كارنينا» لتولستوي، والتي جاء فيها: «لم أجد خيراً من هذه الورود، لتحمل لكِ تهنئتي بالعام الجديد، أحبها لأنها لكِ، وأحسدها لأنها ستراكِ عندما يولد العام الجديد، وتُطفأ الأنوار».
وبطبيعة الحال، فإن من يفتش في الأفلام القديمة سيجد أكثر من هذا بكثير، وإن كان بعضه بالمصرية العامية مثل رسالة منى (شادية) لحبيبها أحمد (صلاح ذو الفقار) في الفيلم الرومانسي العظيم «أغلى من حياتي» (1965) عن قصة «الشارع الخلفي» لمحمد أبو سيف.
ورسالة آمال (لبنى عبدالعزيز) إلى المطرب أحمد سامح (فريد الأطرش) في فيلم «رسالة من امرأة مجهولة» (1962) المقتبس قصته من رواية للأديب النمساوي «شتيفان زفايغ»، ورسالة محمد (عبدالحليم حافظ) المغناة لحبيبته ناهد (زيزي البدراوي) في فيلم «البنات والصيف» (1960)، حيث القصة لإحسان عبدالقدوس والرسالة من كلمات مرسي جميل عزيز.
يقول عصام زكريا في مادة منشورة بالعدد 60 من مجلة الجسرة الثقافية «إنه ليس هناك أتعس حظاً من الرسالة الغرامية التي تقع خطأ في يد حاسد أو عزول أو مغرض».
مشيراً في هذا السياق كمثال إلى رسالة جميلة (زيزي مصطفى) إلى حبيبها خليل (سيف عبدالرحمن) في فيلم «البوسطجي» (1968) قصة يحيى حقي، التي تقع في يد البوسطجي عباس (شكري سرحان) الكاره لأهل القرية.
وأشار زكريا إلى مثال آخر من فيلم «رسالة غرام» (1954) المقتبس من رواية «تحت ظلال الزيزفون» لألفونسو كار، حيث يترك بطل الفيلم وحيد (فريد الأطرش) حبه لإلهام (مريم فخر الدين) يضيع بسبب ثقته في صديقه الخائن رأفت (كمال الشناوي) كناقل للرسائل.