قصة صناعة فيلم «سنغام» الخالد

فيلم «سنغام» الهندي الذي تمتد مدة عرضه إلى 238 دقيقة، يعد من بين أشهر وأنجح الأفلام الرومانسية/الدرامية/ الموسيقية التي أنتجتها بوليوود في عقد الستينيات من القرن العشرين، بدليل عرضه في العديد من القاعات السينمائية الكبرى في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، ثم بدليل حصوله على جوائز كثيرة داخل الهند وخارجها، ناهيك عن تحقيقه أرباحاً تجارية بلغت 110 ملايين دولار، وتصنيفه آنذاك في قائمة أفضل 50 فيلماً هندياً في آخر 50 سنة. علاوة على حصوله على درجة 7.3 من 10 من موقع قاعدة بيانات الأفلام في الإنترنت.

هذا الفيلم الخالد في ذاكرة مئات الملايين من عشاق الفن السابع، والذي أبصر النور في يونيو من سنة 1964 من إخراج وإنتاج الفنان الكبير راج كابور، وبطولة راج كابور نفسه مع فيجايانتيمالا وراجندرا كومار.

وبمشاركة الممثلين «افتخار» و«راج مهرا» و«نانا بالسيكار» و«لاليتا باور» و«هاري شيفاداساني» و«أكالا سكاديف»، له قصة طويلة بدأت في أواخر أربعينيات القرن العشرين حينما خطط مخرجه لإنتاجه تحت اسم «غاروندا» أو العش من بطولته مع ديليب كومار وأيقونة الهند الممثلة والمغنية «نرجس»، بعدما كتب قصته «إندير راج أناند».

ولكن تم تأجيل التنفيذ لأسباب كثيرة ومن بينها متطلبات الإنتاج الضخمة والخلاف في الأدوار والأسماء، وعلاقة الحب المضطربة بين راج كابور ونرجس، إلى أن تقرر تنفيذه في منتصف الستينيات تقريباً مع تغيير طاقم العمل وطاقم التمثيل، وتبديل اسم الفيلم إلى «سنغام» (ملتقى نهر الغانغ المقدس مع نهر جمنة عند مدينة «الله آباد» بشمالي الهند) وهو المكان الذي يطلب فيه البطل من حبيبته أن يلتقيا فيه فترفض.

وحتى بعما تغلب مخرجه ومنتجه على الكثير من العوائق والتحديات، برزت أمامه عقبة تمثلت في ضرورة إيجاد بدائل لإمكان تصوير المشاهد الخارجية المقررة، نظراً لأن أجواء الحرب الباكستانية الهندية الثانية حول كشمير كانت تلوح في الأفق (اندلعت في سنة 1965 وانتهت بانتصار الجيش الهندي).

وخصوصاً أن أحداث الفيلم كانت تدور في شأن الشاب «سوندار كانا» (قام بدوره راج كابور) الذي يحاول إثبات نفسه بالالتحاق بسلاح الجو الهندي الذي يكلفه بمهمة نقل معدات عسكرية للجنود المقاتلين في كشمير، فيقوم بمهمة محفوفة بالأخطار ويُفتقد أثره.

وعليه راح مخرج الفيلم ومنتجه يبحث عن أماكن بديلة في العالم مشابهة تقريباً لأماكن الأحداث الأصلية في الهند، وذلك بعدما أنجز بعض المشاهد في ولايتي كشمير و«أوتر براديش»، فوقع اختياره على سويسرا وباريس ولندن والبندقية. ولهذا يعد «سنغام» أول فيلم هندي يصور خارج الهند وتحديداً في أوروبا، وأغلى الأفلام الهندية من ناحية التكاليف.

ونظراً للإقبال الشديد على مشاهدته في الداخل والخارج فقد أعاد المخرج الهندي «داساري ناريانا» إنتاج الفيلم بلغة «التليغو» و«الكااندا» تحت اسم «سوابنا» في سنة 1981 كي يناسب سكان ولايتي «أندر براديش» و«كارناتاكا» على التوالي ممن لا يتحدثون الهندية أو الأوردية.

كما أعيد إنتاجه باللغة التركية في سنة 1968. وأخيراً، فإن من أسباب نجاح الفيلم احتواءه على أغانٍ ورقصات وموسيقى جميلة كتبها ولحنها الأسطورة الموسيقية المايسترو شانكار جايكيشان (1922 ــ 1987)، وهو ما جعل موسيقى وأغاني الفيلم تحتل المركز الثامن من بين أفضل مئة موسيقى وأغانٍ للأفلام.

وقد ظهرت في الفيلم النجمة فيجايانتيما أول مرة مغنيةً عبر اشتراكها في أداء أغنية «هذه هي رسالة حبي» مع المغني والملحن والممثل محمد رفيع (1924 ــ 1980)، وأول مرة ترتدي الجينز الضيق وتقوم بحركات راقصة مثيرة.

وأجمل ما احتوى الفيلم من أغانٍ لجهة اللحن والإيقاع هو أغنية «سنغام» التي أداها راج كابور على مزمار القربة وهو يعاكس فيجايانتيما من فوق شجرة قائلاً: «ميري منكي جمنا.. او تيري منكي جمناكا.. بول رادا بول سنجم هوغا ك نهي».