قضية القضايا في منطقتنا هي أزمة «ثنائية حمل السلاح»، ما يخلق ثنائية الصراع السياسي بين الدولة وقوى أخرى مسلحة.
الصراع يكون بين طرفين – على الأقل:
الأول هو «الدولة»، وتعريفها هو: «نظام تسلسلي للقواعد القانونية، تستمد صلاحياتها من قاعدة قانونية مفترضة».
«وأركان الدولة في القانون الدستوري هي الشعب والإقليم والسلطة السياسية».
وبهذا التعريف، وبحكم ما استقرت عليه الدساتير الحديثة، فالدولة هي وحدها – دون سواها – التي تمتلك الحق الحصري في امتلاك السلاح الحربي، واستخدامه في حفظ الأمن والدفاع عن البلاد والعباد، تحت مظلة الدستور والقانون العام.
بمعنى آخر، الدولة وحدها، هي صاحبة الحق الحصري في ممارسة العنف الشرعي.
بالمقابل، فإن وجود قوى أخرى غير الدولة تحمل السلاح بقدر يهدد أو ينافس الدولة، فإنه يخلق ما يعرف بشكل شعبي «ميليشيا» وبشكل علمي ما يعرف بـ «Non state actor»، أي قوى غير منتمية للدولة.
هذا الوضع يخلق ثنائية في القوى، وثنائية في الإرادات، وثنائية قد تتناقض في القرارات المصيرية.
قرارات مصيرية مثل تحالفات الدولة الإقليمية أو العالمية، قرارات الحرب أو السلام، قرارات توجهات التحالف أو المواجهة في الداخل تجاه أقليات أو أديان أو مذاهب.
كل هذه القرارات الكبرى، وما يناظرها من أهمية، هي قرارات حصرية للدولة المعبرة عن إرادة الشعب بأي وسيلة من الوسائل المتعارف عليها.
من هنا، لا يحق لأي قوى خارج إطار الدولة أن تتخذ منفردة قرارات مصيرية تعرّض مصائر البلاد والعباد لمواجهات وخسائر وتكاليف رغماً عنها، ولم تكن شريكة في إصدار قراراتها.
هذا الوضع نواجهه مع «حماس» في فلسطين، ومع «حزب الله» في لبنان، ومع تنظيمي «داعش» و«القاعدة» في سوريا والعراق، ومع الحوثي في اليمن، ومع «الحشد الشعبي» في العراق، ومع «الجهاد الإسلامي» في الضفة الغربية.
من هنا، هناك تفاهم دولي عقب السابع من أكتوبر 2024، على رفض التعامل أو القبول بقوى ميليشياوية خارج نطاق الدولة.
ولنتذكر قول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام «من حمل علينا السلاح فليس منا».