المخرج المصري المعروف بإخراج الكثير من الأفلام القصيرة والتسجيلية والوثائقية اللافتة للنظر، وصاحب الفيلمين الروائيين الطويلين «بصرة» (2008)، و«قابل للكسر» (2020) الشاب أحمد رشوان (مواليد الإسكندرية في 1969) تتلمذ على يد المخرج الكبير محمد خان (توفي في عام 2016)، بل جمعتهما صداقة وطيدة على مدى 28 عاماً.
ووفاء من رشوان لأستاذه ومعلمه وصديقه، وتخليداً لذكراه أصدر عنه كتاباً بعنوان «عن خان.. معانقة الحياة»، سرد فيه قصة تعرفهما على بعض للمرة الأولى وحكاية صداقتهما الطويلة.
عشق رشوان السينما منذ صباه ومراهقته، وبدأ في مرحلة دراسته الثانوية الاشتراك في أندية السينما السكندرية التي رسخت فيه حب الفن السابع.
وفي عام 1987 التحق بكلية الحقوق في جامعة الإسكندرية، لكن ظل محافظاً على نشاطه في أندية السينما، بل أضاف إليه إصدار مجلة صغيرة (نشرة) بالتعاون مع عدد من زملائه تحت اسم «سينما الفراعنة».
وقتها كان نجم المخرج محمد خان طاغياً واسمه يتردد بقوة في الوسط الفني بسبب إنجازه لأعمال سينمائية رفيعة وغير تقليدية من تلك التي تعلق بها طالب الحقوق أحمد رشوان (لا سيما فيلم محمد خان الثالث عشر «أحلام هند وكاميليا»)، هذا الإعجاب من رشوان بخان جعل الأول يرسل للثاني نسخة من العدد الخامس عشر من نشرة «سينما الفراعنة»، خصوصاً أنها كانت عن فيلم «زوجة رجل مهم» الذي أخرجه خان في عام 1988.
يقول رشوان: «لم أتوقع أن هذا المخرج الكبير سيتحمس لنشاطنا، ويعرض علينا الكتابة في نشرتنا المتواضعة، وبالفعل أرسل لنا مقالاً بعنوان «بداية الطريق» تم نشره في العدد التالي في يونيو 1988».
بعد ذلك بشهرين دعا خان رشوان لمقابلته في القاهرة، فسافر رشوان إليه مصطحباً صديقه حسام نور الدين.
وهناك تم اللقاء الأول بينهما على طبق من البسبوسة، وبعدها أوصلهما خان إلى محطة رمسيس للقطارات كي يعودا إلى الإسكندرية. في العام نفسه حدث اللقاء الثاني بين الرجلين على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الذي ذهب رشوان إليه من أجل إجراء حوار مع خان لصالح نشرته الفنية.
وأثناء ذلك أفصح رشوان عن رغبته في الالتحاق بمعهد السينما بعد أن ينهي دراسته للحقوق، فما كان من خان إلا أن شجعه.
وهكذا أنهى رشوان في عام 1990 دراسته الجامعية وتخرج حاملاً بكالوريوس القانون. وبدلاً من ممارسة المحاماة، انتقل إلى القاهرة ونجح في الالتحاق هناك بقسم الإخراج في المعهد العالي للسينما الذي تخرج فيه عام 1994.
كان حلم رشوان بعد ذلك أن يعمل مع خان كمساعد مخرج ليتعلم من الأخير الذي انبهر بأفلامه وعشقها. ولم يمر سوى عدة أشهر إلا ورشوان يقف وراء خان كمساعد مخرج ثان تحت التدريب لإخراج فيلم قصير عن تنظيم الأسرة باسم «يوم في حياة أسرة سعيدة» لصالح هيئة الاستعلامات.
يقول رشوان حول هذا المنعطف من حياته: إنه تعلم أشياء كثيرة إبان تصوير وإخراج ذلك الفيلم القصير، إلا أنه كان يطمح في تعلم المزيد ومن خلال العمل وراء خان في أحد أفلامه الروائية الطويلة.
تحقق حلمه هذا في عام 1992 حينما قبل خان أن يكون تلميذه ضمن فريق العمل في تصوير وإخراج فيلم «مستر كاراتيه» بطولة أحمد زكي ونهلة سلامة، فاستفاد كثيراً على حد قوله من اللهاث خلف أستاذه في شوارع الزمالك وكباري القاهرة وكراجاتها لتصوير أحداث الفيلم.
لقد تخللت علاقة الرجلين الكثير من المنعطفات السارة والمحبطة أو بتعبير رشوان: «28 عاماً تخللها محطات وتقاطعات.. ضحكات وإحباطات.. لم ينقطع التواصل بيننا مهما باعدت بيننا قوانين الجغرافيا، ولم يستمر الخلاف بيننا طويلاً مهما اختلفنا.. يكفي أن يهاتف أحدنا الآخر لينتهي أي خلاف.. يكفي أن يقول لي (أنا زي أخوك الكبير)».
وأخيراً فقد وصف رشوان محمد خان بأبيه الروحي، بل قال إنه تمناه أباً حقيقياً، فقد اعتاد أحياناً أن يخاطبه أمام الناس بكلمة ppaa (أبي بالفرنسية).