للمطربة اللبنانية نجاح سلام (1931 ــ 2023م) الكثير من الأغاني العاطفية والوطنية والدينية الجميلة التي اشتهرت وانتشرت في دنيا العروبة، ومنها أغنية «برهوم حاكيني» العاطفية التي كتب كلماتها يوسف صالح ولحنها الموسيقار اللبناني المبدع فيلمون وهبة وأدتها سلام في مطلع الخمسينات، ثم أقحمها المخرج المصري عباس كامل في فيلم «دستة مناديل» سنة 1954 من بطولة نجاح سلام وكارم محمود وإسماعيل يس وسميحة توفيق وحسن فايق، لأن حدوتة الفيلم اقتضت أن تغني سلام أغنية لحبيبها إبراهيم المحولجي (إسماعيل يس).
فغنت له: «برهوم حاكيني، زعلان سليني، من فرقتك يابا، مجروح داويني، برهوم أنا محتار، عاشق وقلبي بنار، والله الهوى غدار، في ناره كاويني، ياسلوتي ومالي، يا كل آمالي، أناديك ناديني، برهوم مين قدك، الورد على خدك، والروح من شهدك، إمتى توافين، من فرقتك يابا، مجروح داويني».
وفي عام 1956، بدأ الشاعر الغنائي المصري فتحي قورة (1919 ــ 1977) بتقديم برنامج إذاعي كوميدي فريد من نوعه من الإذاعة المصرية بعنوان «أغنية مشهورة تذاع لأول مرة»، كان يتعمد فيها اختيار أغنية مشهورة وتحريف كلماتها بصورة مضحكة وساخرة، ثم استضافة مطربة أو ممثلة لأدائها بلحنها الأصلي وبكلماتها المحرفة.
وفي إحدى حلقات برنامجه استضاف الممثلة المعروفة بأدوار الشر «زوزو نبيل» (1918 ــ 1996) لغناء أغنية «برهوم حاكيني» بنفس اللحن الذي وضعه فيلمون وهبة، لكن بكلمات مضحكة عن سيدة تشتكي من قرص البرغوث ولدغاته ليلاً.
وهكذا بدلاً مما غنته نجاح سلام، راحت زوزو نبيل تغني: «برغوث هاريني، الليل مصحيني، من قرصتك والله، ذابت بطاطيني، برغوث يا زي الفار، بيني وبينك تار، والله اللحاف احتار، ازاي يغطيني، برغوت أنا مالي، ما تروح لعزالي، يا تشوف حدا بدالي، وبلاش أنا تجيني، برغوث يا متبلي، مين سلطك قوللي، لزمته إيه مبهدلني، يوماتي بتناديني، برغوث هاريني، الليل مصحيني».
ولئن تجلت في العمل التحريفي لفتحي قورة موهبته الفذة في كتابة الشعر الغنائي الساخر من جهة، وملكته في اختراع المشاهد المضحكة من جهة أخرى، فإن العمل نفسه كشف عن امتلاك زوزو نبيل، التي كانت وقتذاك قد بلغت السابعة والأربعين، لصوت جميل ناعم وموهبة استثنائية لجهة التصنع والتأوه والشكوى من لدغات البرغوث وهي تؤدي الأغنية.
ومن الأغاني الأخرى التي حرفها فتحي قورة واستضاف الممثلة والمونولوجست سعاد مكاوي لأدائها بصورة ساخرة أغنية «بان عليّ حبه» لنجاة الصغيرة من كلمات صلاح جاهين وألحان كمال الطويل، والتي غنتها نجاة في فيلم «غريبة» للمخرج أحمد بدرخان سنة 1958.
تقول كلمات الأغنية الأصلية: «بان علي حبه من أول ما بان، يا ما كنت بحلم والله بحبه من زمان، كان الحب حبة بان طرحت محبة، من أول ما بان، وعيون الحليوة يا عيني بحر من الحنان، من أول ما شفت عيونه أنا قلت الليالي يهونا، تحميه السما وتصونه، أنا شفت اللي مستنيني وعرفت اللي حيهنيني، من خوفي عليه ما بنمشي وافرش له طريقه برمشي، هناني وهواه ما رحمشي، شباك الأمل وفتحته والدنيا جناين تحته، يا دموعي خلاص ارتحتوا».
وتقول كلمات الأغنية محرفة كما صاغها فتحي قورة: «بان عليّ حبه من أول نيسان، يا ما كنت عايزه والله اتجوز من زمان.. قاللي عند عزبة غير في البنك حسبة، أتاري الحليوة بذمة أوسع من الميدان.. من أول ما شافته عيوني أنا كدت الغسيل بصابونه، وخايلني الهنا ومأذونه، ولقيت اللي حيهنيني، خد صيغتي ولطش بطاطيني، ولحاف الجيران.. من خوفي خلاص مابنامشي، علشان ياختي بيه ماحلمشي، ولا أقعد معاه ولا أمشي، وإنْ شفته راح أخرب بيته، ياويل روميو من جولييته، حيروح اللومان.. شباكنا النهارده فتحته، قالوا إنه واقف تحته، ولو طلته لكنت فضحته، لو كنا يا قلبي سألنا، عن أصله ما كنا دخلنا، وبقينا في أمان».