صادف في شهر يوليو الماضي ذكرى ميلاد ووفاة المطربة المصرية نادرة أمين مصطفى الشتاوي الشهيرة باسم «نادرة»، حيث إنها من مواليد حي عابدين القاهري في 17 يوليو 1906، بينما كانت وفاتها في 24 يوليو 1990.
كان ميلادها لأب مصري من مدينة رشيد بمحافظة البحيرة، ولأم من أصول لبنانية تدعى فاطمة دغيم، علماً بأن الأم توفيت في صغرها، والأب هاجر إلى أمريكا فتولت عمتها تربيتها. ولأنها كانت عاشقة للطرب والغناء وتهرب من المدرسة، قررت عمتها تزويجها وهي في الثالثة عشرة من عمرها، لكنها قبل أن تكمل عامها الأول مع زوجها هربت منه إلى القاهرة، حيث التقت في إحدى الحفلات بعازف الكمان الشهير سامي الشوا الذي أعجب بصوتها وشجعها على احتراف الغناء. كان هذا قبل أن تدرس العزف على العود وتتعلم غناء الموشحات على يد يوسف عمران.
في عام 1932 قامت ببطولة أول فيلم سينمائي لها مع المسرحي الكبير جورج أبيض، وهو فيلم «أنشودة الفؤاد» للمخرج ماريو فولبي، والذي يعتبر ثاني الأفلام المصرية الناطقة بعد فيلم «أولاد الذوات» للمخرج محمد كريم. وقد ظهرت نادرة بعد ذلك في فيلمين فقط هما: «شبح الماضي» للمخرج إبراهيم لاما في عام 1934، و«أنشودة الراديو» للمخرج توليو كياريني في عام 1936.
لم تهتم نادرة كثيراً بالتمثيل قدر اهتمامها بالغناء. ذلك أن شهرتها المدوية في زمنها أتت من الغناء أكثر من السينما. فقد قدمت للإذاعة المصرية نحو 220 من الأغاني والأناشيد والموشحات بصوتها العذب خصوصاً وأنها كانت تعزف العود وتلحن لنفسها وتحفظ الكثير من أغاني سيد الصفتي وسيد درويش، ناهيك عن أنها أسست فرقتها الموسيقية الخاصة، وقام الموسيقار محمد القصبجي بالتلحين لها، بل ورشح لها ساحر الكمان أحمد الحفناوي لتضمه إلى فرقتها. كما أن الموسيقار محمد عبدالوهاب أرادها بطلة أمامه في فيلمه الأول «الوردة البيضاء» سنة 1932، لكنها اختلفت معه حول من يلحن لها أغاني الفيلم.
ومن دلائل تألقها أنها لقبت بـ«أميرة الطرب»، ونشرت مجلة الكواكب الفنية صورتها على غلاف عددها الصادر في 28 مارس 1932، كونها أول مطربة وممثلة في تاريخ السينما العربية.
غنت نادرة أغاني وأناشيد وطنية ودينية كثيرة كما قلنا، ومنها قصيدة «أنشودة الفؤاد» لخليل مطران، وطقطوقة «يا بحر النيل يا غالي» من ألحان زكريا أحمد وكلمات خليل مطران، وأنشودة القطن، وأغنية «يا أيها البلبل الحنون». ولحن لها عبدالوهاب في الأربعينيات أغنية يتيمة هي «حبيبي أقبل الليل» من شعر علي محمود طه.
أما السنباطي فقد لحن لها أغنيات: «بايدي أنا جرحت الفؤاد» من كلمات يوسف وهبي؛ «أعبد جمالك واتالم» من نظم حسین حلمى المناسترلى. ولحن لها زكريا أحمد، أغنيات «أمسعدي أنت في مرادي» من شعر خليل مطران، و«إنت الجمال» من نظم بديع خيري، و«من كثر نسيانك» من نظم حسين حلمي المناسترلي، و«الحبيب بعد الرضا» من كلمات أحمد رامي. كما لحن لها محمود الشريف أغنية «الأمل والنسمة» من كلمات إدوارد سليمان، ولحن لها أحمد شريف أغنية «نني عينيك علمني الهوى» من نظم حلمي الحكيم، وقدم لها داوود حسني لحن أغنية «ليه الغرام يأسر القلوب». إلى ذلك أغرم العقاد بصوتها وجمالها فشجعها وكتب لها كلمات أغنيات: «قلبي زورق يجري»، و«يا ساعة الصفو» و«يا حبيبي أنت ريم ليس في النيل نظيره».
تفردت نادرة بتقديم أول أغنية وطنية مصرية زمن حرب فلسطين الأولى حينما أهدت الجيش المصري أغنية «يا جيش بلادنا يا حامي النيل»، كما تفردت بتقديم أول أغنية وطنية عام 1952 وهي أغنية «يا مصري قوم واحم الوادي». وظلت في شهرتها وتألقها حتى قررت الاعتزال في منتصف ستينيات القرن الماضي، لتعيش أواخر أيامها حبيسة الجدران، مكتفية بمعاش ضئيل من الدولة.