في ماراثونات الجري، وبالعموم، هناك عدة أنواع من المتنافسين: أولاً، هناك مجموعة قليلة من المتنافسين يسبقون الأغلب، ويحصدون المراكز الأولى. وثانياً، هناك متسابقون يثابرون للوصول إلى المراكز الأولى، ولكنهم لا يحصلون عليها. وثالثاً: هناك نوع علينا ألا نعتبره منافساً أو مشاركاً، بل نعتبره متخلفاً عن الركب. فلا هو الذي شارك في التنافس، و لا هو الذي ثابر من أجل تحقيق المراكز الأولى.
من أكثر المفردات تداولاً عند المفكرين العرب، هو التخلف، ويقابلونه بمصطلح التقدم. والتخلف المقصود، هو تخلف الفرد والمجتمع والدول. وتشبيه الماراثون بالجري، يوضح القصد. فالتخلف ليس هو محاولة اللحاق بالأمم المتسابقة، حتى لو لم تحصد المراكز الأولى، فهذا له شرف التنافس، والوصول إلى الوجهة، ولو بعد حين.
أما التخلف، فهو الرضوخ في المكان. هو كمَنْ يرى الناس يتنافسون بالجري، ويتسابقون للوصول إلى الوجهة المرغوبة، وهو لم يقم للحاق بهم، حتى يصل كما وصلوا، بل تخلف عن الركب، وتخلف عن المشي، وقد يهاجم المتنافسين بأي عذر كان.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم: «منذ زمن ليس ببعيد، كان هدفنا اللحاق بالركب، وقد تجاوزنا بنجاحاتنا هذا الهدف بكثير. نريد الآن الريادة».
وبإمكاننا طرح هذا السؤال اليوم: متى يحدث التخلف؟ يحدث التخلف، عندما تتخلف القيادة عن مجاراة سرعة تطور العالم والمجتمع. أما التقدم والريادة، فهي تحدث كما حدثت في الإمارات: عندما تأخذ القيادة بيد المجتمع إلى الأمام، وإلى التنافس والتسابق.
15 عاماً قضاها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في قيادة الحكومة الاتحادية، نشر باكورة أعماله الريادية في كتابه: رؤيتي عام 2006.. ثم استمر في فعل ما يقول، ويقول ما يفعل.