مرّ على العرب والغرب كثير من الزعماء الذين يقفون خلف منصة ويتحدثون بالساعات بشكل دوري، والحديث دوماً يكون حديثاً إنشائياً نثرياً سردياً، لا وجود لحديث عن أرقام أو حقائق، بل حديث تملؤه التمنيات والادعاءات رغبة بميل الجمهور إلى آراء هذا الزعيم أو ذاك.
أما في الإمارات وفي آخر منشور لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عندما أكمل سموه 15 عاماً في قيادة حكومة الإمارات، كان المنشور على صفحات التواصل الاجتماعي مليئاً بالأرقام، مليئاً بالإنجازات حسب المعايير الدولية والمؤسسات المستقلة.
لم يقتصر المنشور على الإنجازات وعن أرقام عامة معتادة مثل النمو الاقتصادي وفقط، بل سبر أغوار مؤشرات التنافسية العالمية، شاملة الاقتصاد والصحة والتنمية الاجتماعية. هي ليست رؤية شاملة عامة وفقط، بل رؤية شاملة وتفصيلية لكافة احتياجات الوطن والمواطن.
في السابق، لم تكن ثقافة الأرقام ثقافة اعتيادية لدى القطاع الحكومي في العالمين العربي والعالمي، بل كانت ثقافة مقتصرة على القطاع الخاص. فتعلم منه القطاع الحكومي في الإمارات منذ زمن ليس ببعيد، حتى أصبحت حكومة الإمارات قدوة ومنارة تتعلم منها حكومات العالم.
ثقافة الأرقام هي ثقافة المقارنة مع الآخرين للتعلم منهم. ثقافة الأرقام لا تدع مجالاً للشك بالإنجازات وآثار المشاريع والمبادرات. ثقافة الأرقام تحدد الأهداف وتركز الجهود وتحفز فرق العمل. ثقافة الأرقام هي ثقافة الكفاءة والتنافسية والقوة الذاتية.
لم تكن لهذه الثقافة أن تنتشر في دولة الإمارات العربية المتحدة لولا البيانات التي يتم إحصاؤها وترتيبها والاهتمام بها. فثقافة الأرقام معتمدة على البيانات والإحصاء، وليست معتمدة على الآراء والتمنيات والادعاءات.