أجمل ما في قصة الأرنب والسلحفاة الشهيرة أنها رسخت مفهوم المثابرة والاستمرارية. نجحت القصة بجدارة في توثيق أن ذكاء الأرنب وامتلاكه للمهارات لا يعنيان بالضرورة انتصاره ونجاحه الحتمي، بل على العكس، جهد السلحفاة المتواضع، لكن المستمر، هو الذي أوصلها إلى خط النهاية.

قد يرتبط في أذهان الكثير منا بأن معدل الذكاء أثناء فترة الدراسة يتوافق طردياً مع النجاح والوفرة المالية بعد الدخول إلى سوق العمل. ولكن ما نراه في واقعنا قد لا يعكس ذلك بالتحديد، حيث إن الكثير من الناجحين وأصحاب المشاريع الكبرى حول العالم والموفورين مادياً ليسوا بالضرورة من أصحاب الشهادات العليا أو من خريجي الجامعات المرموقة أو حتى من أصحاب معدلات الذكاء المرتفعة.

هذا ما يجعلنا نعيد النظر في ربط الذكاء والقدرات الذهنية بشكل مباشر بالنجاح، حيث يتبين لنا أن هناك عوامل أخرى كثيرة لا تقل أهمية عن الذكاء نفسه.

على سبيل المثال: المثابرة، والذكاءات الأخرى المتعددة، والشجاعة، وتحمل المسؤولية، والأهم من ذلك اقتناص الفرص بالتواجد في الزمان والمكان المناسبين فيما نسميه «بالحظ»، فجميع ما سبق يساهم في تشكيل مسار النجاح.

الفكرة الجوهرية التي يرددها أغلب الناجحين من أصحاب المشاريع يمكن اختصارها في ثلاث كلمات «البدء والشجاعة والاستمرارية»، وهو الدرس البسيط الذي أهدتنا إياه صديقتنا السلحفاة من خلال قصتها مع الأرنب. قد تكون لدينا أحياناً أجمل الأفكار، ولكنها قد تذهب أدراج الرياح مالم نمتلك الشجاعة في البدء والصبر في الاستمرار لتحويل الأفكار إلى مشاريع ومتابعتها لتثمر النتائج.

امتلاك الفكرة مهارة، وتطبيقها مهارة أخرى، فبدون الثانية لن تستطيع الأولى أن تتواجد على أرض الواقع.

ماذا لو أدركنا بأن الصبر والمتابعة والتنسيق في تنفيذ المشاريع لا يقل أهمية عن البدء في طرح الفكرة؟ ماذا لو أدركنا بأن الاستمرارية لا تعني بالضرورة النجاح على الدوام، بل قد تعني تقبل الفشل في أحيان كثيرة، ومن ثم تحويله لدروس وفرص أخرى للنجاح؟