يعتقد الكثيرون أن الحضارة الإنسانية وصلت لذروتها، فما نعيشه في العصر الحالي من وهج وتطور متلاحق في مجالات عدة منها الاتصالات وتقنية المعلومات، وتطور شبكة الإنترنت وتحولها من الاعتيادية إلى تمكن كل فرد من صناعة المحتوى ونشره، أو في مجال الفضاء وسبر أغواره العميقة.
وسط كل هذا التقدم والتطور يعتقد البعض أن البشرية وصلت للذروة وأنه لا يوجد بعد كل هذا التقدم شيء جديد، ولكن كل مخترع جديد هو في الحقيقة يقوم بفتح نافذة جديدة على شيء جديد أكثر تطوراً، ولكم أن تعرفوا أن عمر كل هذا التوهج لا يتجاوز الـ 150 عاماً، فكيف هو الحال لو مضت 300 سنة من الآن، وهذه الحقيقة أكد عليها الدكتور برتراند راسل، في كتابه الذي حمل عنوان: «أثر العلم في المجتمع»، حيث قال: «يعود وجود البشر إلى نحو مليون سنة، وتعود معرفتهم بالكتابة إلى نحو 6000 سنة، بينما تعود معرفتهم بالزراعة لحقبة أقدم قليلاً، وأما العلم فقد تواجد كعامل مهيمن في تقرير معتقدات المثقفين من البشر لنحو 300 سنة، في حين أنه أصبح مصدراً للتقنية الاقتصادية منذ 150 سنة وحسب، في هذه الحقبة الوجيزة برهن العلم على كونه قوة ثورية ذات قدرة هائلة، وعندما نعتبر قصر المدة التي سمت فيها قوة العلم نرى أنفسنا مجبرين على الاعتقاد أننا ما زلنا في بدايات العلم.
لقد بات واضحاً أن قوة العلم بالغة الخطورة على الإنسانية بأسرها، وليس كل ما يتم اكتشافه واختراعه مفيد وجميل، بل قد يكون له وجه مؤذٍ يجلب الدمار والبؤس، وبرغم كل هذا فإن التطور البشري متواصل ولن يتوقف تماماً كماء النهر.