يبحث الإنسان بطبيعته عن الأفكار الجديدة ويسعى إلى ابتكار أشياء تساعده على سد احتياجاته، لذلك أصبح التطور والتقدم في أي مجتمع مرتبطاً بشكل وثيق بحركة مرنة ونامية ومتفاعلة من الابتكار، وعندما يربط الابتكار بالتطور والتقدم الحضاري، فهذا شيء طبيعي، لأن من أهم خصائص الفعل الابتكاري التطوير على ما هو موجود فعلاً، بمعنى أن العملية الابتكارية نفسها تستمر ودائمة لأن عملها لا يتوقف فهي في تطور وتضخ الدماء الجديدة في كل مفصل من مفاصل المجتمع، والإنسان منذ القدم مارس الابتكار، حتى قبل فهمه أو معرفة المعنى والمدلول لهذه الكلمة.
فعملية التطوير والاستمرار في إضافة الجديد للقوالب والمهام والأعمال جزء من التفكير البشري الذي لم يتوقف عند نقطة واحدة أو عند حد ما؛ فكلما وضعت البشرية اليد على مخترع جديد أو سلطت الضوء على كشف حديث، جاءت الأجيال التالية بشغف وحماس وأدخلت تطويرات وتحديثات جديدة على هذه المخترعات والكشوف.
ويمكن ملاحظة الكثير من القصص والأحداث ورصدها بمراجعة التاريخ وسير الأمم والحضارات، حيث ستجد أن خاصية الابتكار كانت متواجدة بشكل واضح، والاستفادة من كل مخترع أو كشف ماثلة ومستمرة، بل إن التوقف عند مرحلة ما أو الاقتناع باختراع أو باكتشاف ما، لم يكن وارداً أو ممكناً، وكأن التحديث المستمر جزء طبيعي ضمن سياق النمو البشري.
بل إن عدم إدخال التطوير والتحديث هو الشاذ والغريب وغير الطبيعي.
الابتكار كان ولا يزال أساس الحياة البشرية وجزءاً من طبيعة الإنسان نفسه، لذا مشاعره وفهمه للعمل تنصب دائماً على تطويره وتنميته ليكتسب الأهمية البالغة والحيوية.
من هذا المنطلق ومن البديهي والطبيعي أن يكون لدى كل مجتمع ينشد التميز والرقي الحضاري منهجية وخطط ليكون الابتكار جزءاً من منظومته المعرفية والعلمية، وهذا يتطلب برامج ومبادرات ومناهج تعليمية أساسها تنمية الحس الابتكاري والتشجيع على النظر للقوالب والمخترعات بعيون مبتكرة وعقول متحفزة للمستقبل.