يشكو البعض من ضيق في الصدر، شعور يغيّر في المزاج، ويخرجه عن اعتياديته. الضيق في الصدر، يمكن أن يفضي بالشخص إلى الكآبة. حالة إن تسربلت الإنسان تجعله لا يرى فيما يبصره جميلاً يبهج، أو حافزاً مغرياً لإكمال يومه، على افتراض بأن حضانتها لا تطول، يوماً أو بعض يوم.
الكآبة، طبياً، حالة نفسية لا يمكن التأريخ لها، مثل بقية الأمراض؛ فهي رافقت الإنسان من الطفولة إلى الوعي، لما بعد الانتقال من الإشارات اليدوية، بداية من الرسم على جدران الكهوف، فالصوت ثم النطق لاحقاً، ليدرك بأن الحالة متغيّر نفسي طارئ، يبدل من المزاج المعتاد، ما رمز إلى أن الإنسان هنا بدا قادراً على توصيف مشاعره، والتعبير عنها وتصنيفها بأنها ضيق في الصدر، وهو ما ظل شكوى متجددة.
دائماً ما يكون للكآبة أسباب موضوعية. فأغلبنا ربما قرأ رواية «آنا كارنينا» لتولستوي، التي عانت فيها آنا من الاكتئاب والصراعات النفسية، لأسباب اجتماعية، كما في رواية «كائن لا تحتمل خفته» لكونديرا، فمجمل شخصياتها تعاني من الاكتئاب لأكثر من عامل في حياتها، عجزت عن تغييره. كما الدموع التي كانت طاغية في سردية مبهرة، نقلها الكاتب ذاته بشكل مؤثر في رواية سمّاها «1984» جاء فيها:
«إن الدموع قد تكون مرارة الكلمات التي لم نقلها للذين ماتوا وتركونا». الذكريات لدى البعض، مشنقة تصادر الحاضر ومباهجه. وكذا في «الجريمة والعقاب»، رواية دوستويفيسكي، ما انفك فيها بطلها «راسكولينوف» يتخبطه الاكتئاب والتدهور النفسي، بسبب اقترافه لجريمة تطارده.
وما أن يعلن المرء عن ضيق انتابه، أو كآبة تغلغلت، حتى تنهال عليه النصائح من جميع معارفه، وبرغم تلقائية تلك النصائح؛ فإن بعضها مصدره علمي، كممارسة الرياضة اليومية، كما تنقل مجلة «BMJ» الطبية البريطانية، فمفعولها بكفاءة الأدوية، واحرص على تدريبات القوة، وحصة التدليك بين الحين والآخر، كما تنصح المجلة بتناول الأسماك والخضروات الورقية والجوز، وتحذر من السكر والإفراط بتناول الكافيين.