بما أننا نتفق جميعاً على ذكاء الإنسان وتمتعه بالتفكير، وأنها وظيفة مشاعة وموجودة لدى كل إنسان، فما الذي يجعل البعض يتفوق ويتميز عن الآخرين؟ لا يمكن أن نقول إن درجة الذكاء سبب جوهري ورئيس، ونحن نعلم تماماً، من خلال الواقع الذي نعيشه، بأن هناك منجزات تحققت على أيدي أناس مستوى ذكائهم عام أو لم تعرف عنهم العبقرية.
هناك جانب آخر مختلف تماماً عن الذكاء، وبعيد عن قوة تفكير العقل، وهو المسؤول عن تمايز بعض الناس، هو القوة التي أعتقد بأنها تكمن في القدرة على الإبداع، القدرة على توجيه العقل نحو التفكير بطريقة مبتكرة متجددة، القدرة على التحكم في الكيفية التي تسمح للعقول بالتوسع والخروج عن الأطر، أو كما يقال بالخروج عن الصندوق، والصندوق هنا مجاز عن الواقع المحيط بنا، بمعنى أن الصندوق هو الممارسات التي تعوّدنا عليها، هو الأفعال التي نكررها ونتوقع أن ننجح بسببها، هو في إعادة الحلول نفسها بوتيرة منتظمة وننتظر أن تكون النتائج كما نحب، وننسى التطور والتقدم، وننسى أن المشاكل متنوعة ومتعددة، لذا فإن الذي نحتاجه هو الإبداع والابتكار، وذلك بتجديد التفكير، أن نبدع في كل ما نواجهه بالتمعن والتأمل.
وأما الركون للحلول المعتادة أو الطرق التقليدية، فلن يكون مجدياً على المدى البعيد، وسنجد أنفسنا لا نقدم حلاً، بل نزيد المشكلة، فما ينجح في الماضي ليس بالضرورة يتناسب مع الحاضر، فكيف هو الحال في المستقبل!. نحتاج لتنويع الأساليب، وذلك من خلال ابتكار طرق ومهارات جديدة. نحتاج للنظر للمهام نظرة مغايرة لما سبق.
لا يحتاج الابتكار لتكون عبقرياً، وليس من شروطه أن تكون على درجة عالية من الذكاء، فهو إلمام بما تريد، وفهم تام لمختلف الجوانب، ببساطة دراسة وتمعن وجلسات عصف ذهني، وقرار على أرض الواقع بأن تبتكر وأن تبدع، والذي آراه أن الابتكار والإبداع قرار شخصي يمكن لنا جميعاً أن نتخذه، لكن لنجاح هذا القرار متطلبات وشروط، من أهمها المعرفة التامة بما تريد أن تبدع فيه، بما تريد أن تقدمه ويكون مختلفاً.