يحـدث أن أشـعر أحياناً بالمـلل مـن جهاز الكومبيوتـر، لكنني أجد نفسي منساقاً إليه، دون إرادتـي، عـادة ما يكون التلفزيـون في ظهري، أسـمعه ولا أراه، لأن مكتبي الصغـير الذي لا يتجاوز طـاولة صغيرة، محصور في زاوية الصالون مع ضجيج الأطفال، لأن الكتابة كـثيراً مـا تثير الخـوف في العـزلة.
لكـن ذلك لا يمنع من أنني أستمع إلى الإعلانات التي تتدفق في كـل لحظة، يتناهى إلى سمعي الترويج إلى الثلاجة الذكية. لكنني انتقلت إلى ذاكرتي عندما كنت أرافق أبي لشراء الأسماك التي يقتنصها صيادو مدينتي الصغير من النهر ويعرضونها في الأسواق على الفور، غير أن الأشياء كلها صارت اليوم معلبة، يقتنيها غالبية الناس، مستعينين بالكومبيوتر أو الحاسوب.
إنها هذه الثلاجة الذكية جداً، والمشبوكة بالإنترنت، تقوم بالرسم على شاشتها المواد التي تنفذ منها مع انتهاء صلاحيتها، لكنني فكرت: لماذا لا ترسل هذه الثلاجة بصورة آلية رسالة إلكترونية إلى البقالة أو السوبرماركت لتزويدها بالمواد النافدة فيها على وجه السرعة (سأسجل حقوق الملكية الفكرية باسمي رجاءً). حينها لا تندهش أن يدق العامل بابك ويقول لك: أنت بحاجة إلى قنينتين من الحليب وكيلو من الطماطم وعلبة من الجبنة. من يدفع؟ لا توجد مشكلة لأنه سيتم خصم أسعارها من البطاقة الائتمانية للزبون الذي يتعامل مع هذه البقالة أو السوبرماركت.
هذه النافذة الافتراضية التي سوف تغدو الكوة الوحيدة، التي سيطل الناس من خلالها على الحياة في القريب العاجل، وبناء على ذلك، سوف تصير الحياة في عالم اللمس، بحواس الأصابع والحروف، ودافعة بالجميع إلى اللامبالاة.