تداعى كبار الباحثين واللغويين من أنحاء العالم لحضور المؤتمر الدولي الثاني للغة العربية في دبي المنعقد حالياً، والذي رفع شعار «اللغة العربية في خطر: كلنا شركاء في حمايتها».

أجل.. كلنا شركاء في حمايتها، ولكن كيف؟

ثمة ما يجعلنا نخاف على لغتنا، هو حالة التطرف التي يتعامل بها البعض مع اللغة الأجنبية. ولعل أهم أسباب هذا الخوف هو تأثيرات اللغة الإنجليزية الطاغية على العربية، إذ لا يتعلم بعض أبنائنا اللغة الإنجليزية كما يفعل أهل البلدان الأوروبية والغربية، حيث يركزون على لغتهم الأم قبل كل شيء، وإلى جانبها يتعلمون اللغات الأجنبية الأخرى. وهذا غير حاصل عندنا.

بعض العرب، وخاصة أبناء الجيل الحالي، يصل إلى درجة الاستلاب والاغتراب، فينسى لغته الأم إلى صالح تعلم لغة الآخر. وكم أحزن عندما أزور بعض الأصدقاء وأرى أبناءهم لا يتكلمون سوى اللغة الإنجليزية، دون أن يجيدوا لغتهم الأم. وأعتقد أننا من الأمم الفريدة ممن يتناسون لغتهم بهذه البساطة.

 وقد رأيت ذلك في فرنسا، حيث أبناء الجاليات المهاجرة، وخاصة المغاربية، مستلبون إلى درجة نسيان لغتهم الأم. أعتقد أن المسؤولية تقع على عاتق الآباء والأمهات بالدرجة الأولى، فمن حق الأمم الأخرى أن تمارس سياسة الدمج ومحو لغة الآخر ضمن سياسة فرانكوفونية أو أنجلوسكسونية معروفة في بلدان المهجر.

لكن السؤال المطروح: لماذا يمارس بعض الآباء والأمهات سياسة الدمج والمحو مع أبنائهم؟ لماذا يعمد هؤلاء إلى تفضيل اللغة الإنجليزية لأبنائهم إلى درجة فقدان اللغة الأم. المفترض بهؤلاء الآباء والأمهات ألا يسمحوا لأبنائهم الحديث باللغة الإنجليزية في البيت، بل ويعتبرها البعض من دواعي التفاخر.

الخوف، كل الخوف على اللغة العربية يأتي من النشء الجديد.

سألت أدونيس ذات مرة: لماذا لا تكتب قصائدك باللغة الفرنسية، فأجابني: لأنه ليس ليّ أمّان، فأمي هي العربية. وكان الشاعر الروسي أندريه برودوسكي، الذي هاجر إلى أميركا وحاز على جائزة نوبل لا يكتب قصائده إلا بالروسية، أما مقالاته فكان يكتبها باللغة الإنجليزية، لأن التعبير بلغة الأم يسري مع الدم في الشرايين.

لا بد أن نكون شركاء حقيقيين بحماية لغتنا ولنبدأ بأبنائها. أليس كذلك؟