مقولة شائعة تقول «أنت ما تأكل»، لكن العصر الحديث، المليء بشركات تصنيع الأغذية، لا تسمح لك أن تكون ما أنت عليه، لأننا أصبحنا خاضعين لها بفعل الحياة المعاصرة. كان هناك بصيص أمل في نهاية النفق، وهو الغذاء العضوي، أمل البشرية في التخلص من الأغذية الصناعية وسمومها.

التقرير الذي نشرته أخيراً مجلة «كوريير إنترنسيونال» الفرنسية، يدق ناقوس الخطر، معلناً بأننا نعاني من «أزمة أخلاق وهوية»، مع تزايد حالات الغش الغذائي. وهي ليست حالات غش صغيرة وعابرة، كخلط البيض أو الخضراوات الصناعية بالعضوية لزيادة كميتها بل أصبحت تدور في سياق الجريمة التقليدية المنظمة لأن المشرفين عليها أول من خانها.

وكالعادة تصدرت إيطاليا لتصبح بطلة هذا التزوير، وكشف التقرير المذكور عن مافيا، هي المنظمة التي تمنح شهادات التصديق على الأغذية العضوية، مزورة لصالح رؤساء شركات التصنيع، في مولدافيا ومالطا وأوروبا الغربية.

في المطاف الأخير، تمر البشرية بأزمة أخلاقية حقيقية بحيث لم نعد نصدّق الشهادات المدوّنة على السلع والبضائع والأغذية: ماذا نفعل؟ هل تقوم كل عائلة بزراعة ما تحتاج إليه على سطوح بيوتها وفي شرفات شققها، كي تُبعد المواد السامة والضارة في الأغذية. سأل صحافي أحد رجال تصنيع الأغذية، قائلاً له: لماذا انتشر مرض السرطان مع الأغذية التي تصنّعونها؟ أجابه الرجل الصناعي ذو الكرش المنتفخ: لأنكم تريدون أغذية رخيصة الثمن!

هل يمكن أن نحتفظ بمقولة «أنت ما تأكل» إلى زمن طويل؟