جميل أن يطرز الشعر جدران الغرف والحدائق والشوارع والميادين حتى يتنفسهُ الناس، وأن تصنع من أبياتهِ جُزراً ومُدناً تقدم رسالة الشعر وحكمته بشكل أو بآخر وتحيي الذوق السليم وفتنة اللغة وجماليات الشعور وبلاغة القلب.

في الأسبوع الماضي وجدتني أتتبعُ بيتاً شعرياً نبطياً نُحت بشكل إبداعي بارز في غرفة فندقية، نزلت فيها ضمن باقة فزت بها في سحب هدايا لموظفي »البيان«، ذات إفطار رمضاني. في مبيتي الفاخر، في الغرفة 1607 في فندق »ذي إتش دبي« سحبني الشعر من إطلالة مُميزة لبرج راشد التاريخي ومعالم المدينة على شارع الشيخ زايد من الطابق السادس عشر، إلى نبض الحروف وهمسها على الجدران:

اخذ الدليله من وصوف الدلائل

ولا كل من يركب على الخيل خيال

حسبت للوهلة الأولى أن النقوش البارزة للحروف جزء من الديكور، لكن خطها العربي البارز المُميز، النافر التكوين، المتباعد الأشطر والمتناغم في هندسته وبنائه البصري وتشكيله يعيد النظر إلى القراءة، أعدت ترديده ووجدت نفسي أبحث عنه في كناش »غوغل« لأجد الكثير عن هذا البيت الشعري، فهو من شعر الشيخ محمد بن راشد، وله تتمة جميلة هي الحكمة وزبدة القول:

اكتب على الماء ومن قبلي كتب على الماء

إن الصعايب لها بين الرجال ارجال

كما اكتشفت أن البيت نفسه صُنع على شكل جزيرة ضمن جزر نخلة جبل علي، يراه الرائي من السماء، جزيرة شعرية من شطرين شعريين وجغرافيين، وفي هذه الصورة ما يشي بالعديد من التخييلات الشعرية، إذ الكلمات تبوح بمكنوناتها للبحر، ومعانيها للسماء، في شعرية تخييلية جميلة، تستهوي الشعراء، وتروق أيضاً لصاحب كل خيال جامح وتستدعي الكثير من الألق لرمزيات الحروف واللغة على الماء وعبقرية المعاني وجامح الأفكار.