لأن المقامَ مقامُ الشهيدِ يعز علي الكتابةُ نثراً، أُمَوْسِقُ دفق شعوري حنيناً وفخراً أثيراً، وأنثرُ بوحي صهيلاً أصيل الهوى أزرعهُ فسيلة نخل، وأطلقهُ مهاً عربياً شارداً في رحاب الكلامِ المُقفى، أغرزهُ في القصيدة سيفاً يَعرُبياً وأحكي حكاية عز روتها الدماءُ، على جبهة الحق، في ساحة المجدِ، ترجلَ فُرسانها شُهداء ضوء ونور.

على صهوة الفخر أحث مُطهمات الجياد بشعري والموُريات يقدحنَ بالنار ضَبحاً، أُسابق بحر الرؤى أخط بحبري كما خط رمزُ الشهامة بالدم، لعلي أدركُ بعض الحصى من بعضِ أثرٍ طاهرٍ خالدٍ من تراب العُلا والجنان.

شهيد المعزة والكبرياء، أيا رجلاً توضأ بالطهر، يا فارس الظفرِ المُشتهى والصولة البكرِ، يا وجه نصر بهي المُحيا، يا راية النصر، يا قمراً زان ومض الزمان وعذبَ المآثر في سماء الحكاية والفخرِ والخيلِ والليلِ والشعرِ، يا نجمة الفجرٍ، تعابير أدهشت مُفردات اللغة، ووردة فاتنة زانت جدائل الجميلاتِ والأبجدية.

بوحُ القصيدة في دفق قلبي قليلٌ عليكَ وصوتي يقصّر إزاء صوتِ الذخيرة في ذروة الاحتدامِ الكبيرِ، لكن في كلماتي تباريحُ شوق كبير، وسيف صقيلٌ وقوسٌ وسهمٌ رشيقٌ ورمحُ ورصاصُ بندقية، له من حنكةِ الأرض وحكمتها، ما يستشفُ ويسأل نجمَ البطولة عن مجدها في ليالي الوغى، ويستلهمُ اللحظات العظيمة في خندقِ المجدِ والتضحيات.

فأفضلُ البذلِ بذلُ النفوس، وأعلى المراتبِ نيلُ الشهادةِ؛ فمن ذا يطاولُ مجدك في أعالي السماء.

شهيد الوطن والغوالي من ربوع الدمن ستبقى سيدَ الوقتِ المُخلد في لحظات الزمن، مصباحنا المُرشد في الدرب، قنديلنا الأبدي المُضيء، نيزكاً عذب الانتظار بهي الطلوع في مدارات مجرتنا، راية نصر، ملحمة أبدية للوفاء، وأغنية حلوة عذبة في الحناجر.

ستبقى قصيدة فخر عظيمة، وهجاً حياً في الذاكرة، شهاب المكان، بطلاً يحملُ روح كل الأزمنة، شامخ الرأسِ عريض الحروف والكلمات في حواشي الذهب بسِفر الخُلود.