مناطقنا ومُدننا العربية مليئة بالتنوع والثراء الثقافي والحضاري، وينعقد هذه الأيام أسبوع التراث المغربي في العاصمة أبوظبي، يكشف عن مسار من الحكايات والموروث وتاريخ من التطور والتعايش عززه الاستقرار السياسي والسلطة المركزية القوية على مدار قرون. المغرب فُسيفساء مُتعددة الألوان، تتنوع فيه التقاليد وتتعدد، تماماً كما تتعدد تضاريس الجُغرافيا، ففي الوقت الذي تذوب فيه ندف الثلج على قمم »توبقال« في الأطلس الكبير وتسيل في الوديان الخضراء، تضيء الشمس والأصالة واحات الجنوب، بينما يحمل الشرق عبق الملامح التلمسانية والوهرانية، وفي الشمال تفتح الفردوس الأندلسية نوافذها، وتطل على زهوها من شُرفات طنجة وتطوان فتُعانق »الداخل« وطارق بن زياد.
من مراكش يحيينا بن تاشفين، وفي »أغمات« - بالقرب منها - يرقد المُعتمد بن عباد، من فاس ومكناس مرت خيول الأدارسة ومن الرباط جيوش المرينيين والموريسكيين، وبقيت قوة »المخزن« واستقرار السلطة كفيل بحماية هذا التنوع، فانعكس على الثقافة والموروث وثراء التقاليد واستمراريتها، فأجيال من الحرفيين تمارس مِهناً تطورت مع المجتمع على مدار أكثر من ألف عام، أشبعت روحها بالتلاقح، فخرجت شخصيتها المُتفردة، فالحرفية العالية في البناء والنسيج والنقش والخزفيات تذكرنا بالحضارة الإسلامية في ذروة فتونها، والتنوع نفسه نجده في الموسيقى، فالموشحات الأندلسية واللحن »الغرناطي« شجي النبرة في الترنيمات، كما يُدندنُ الدف الصحراوي قوي الإيقاع في الأغاني الحسانية.يبقى الاستقرار السياسي هو الفيصل في التراكم الحضاري، معه تتطور المُجتمعات، تتعزز الصناعات والفنون، تقدم الشعوب والأمم شخصيتها المُتفردة.