فتح التقارب الإماراتي السعودي باب الأمل لبناء جبهة عربية متينة لحماية ما تبقى من الأمن القومي العربي في وجه مخططات إحداث الفوضى والتفتيت التي يقوم عليها مبدأ شرق أوسط جديد تكون فيه «إسرائيل» القوة الإقليمية المهيمنة. واستطاع هذا التقارب، متكئاً على عمقه القومي في مصر والبحرين، أن يوقف الكثير من تداعيات ما يسمى بالربيع العربي، وأن يتصدى لانتهازية القوى الإقليمية، كإيران وتركيا، التي وجدت في الفوضى التي دشنها الأميركان في العراق سنة 2003 ثم ثورات سنة 2011 فرصة لابتلاع أجزاء من الأراضي العربية، إن بالاحتلال أو بالهيمنة وفرض النفوذ.
أحداث اليمن لم تكن نقطة انطلاق ذلك التقارب، ولكنها كانت لحظة الحقيقة التي اضطرت فيها الدولتان لبناء تحالف عسكري عربي يتجاوز عوائق معاهدة الدفاع العربي المشترك التي لم تغادر خزانة «المحفوظات» بجامعة الدول العربية منذ يوم توقيعها من الدول الأعضاء. فعندما بلغت الحلقوم كان الحزم أوضح صور هذا التقارب القائم على فهم مشترك لمفهوم الأمن القومي وقواسم مشتركة في الرؤية لمستقبل المنطقة العربية.
ونظراً للنتائج الواضحة لهذا التقارب الاماراتي السعودي في البلدين وفي المحيط الاقليمي والعربي، فمن الطبيعي ألّا يقف المتضررون، من أصحاب الأطماع والفتانين، مكتوفي الأيدي، ومن المتوقع أن يعملوا بكل إمكاناتهم ويستخدموا جميع الوسائل المتاحة لديهم لإحداث اختراق في هذا التقارب يوقف النجاحات ويعيد التنسيق والعمل العربي المشترك إلى المربع الأول. ولكن هذه المحاولات لم تستطع أن تجد لها منفذا لأن التقارب الإماراتي السعودي ليس فعلا تكتيكيا قائماً على سياسة رد الفعل، وإنما هو خيار استراتيجي قائم على فهم عميق لترابط المصلحة الوطنية مع المصلحة العربية الشاملة.
ولعل أبلغ علامة على تجذر هذا التقارب ذلك الاحتضان الشعبي في البلدين، وباقي أقطار التحالف العربي إلى درجة عادت معها صور التكافل والتعبير عن التضامن والالتحام مع القيادات دعما لقراراتها ومساندة لسياساتها. ولذلك فإن مهمة المتخبطين في الظلام خائبة ووسائلهم فاشلة، ارتدت عليهم بترسيخ التقارب بالمزيد من اللحمة والتنسيق.