للعالم مع المرأة يوم يحتفي بها فيه، ولنا معها دهر هي فيه السكن والحضن، والكتاب المفتوح على ما فات من أيام السابقين الأولين، وما سيأتي في أحلام الصغار وما يرسخ في عقول الكبار.

اليوم العالمي للمرأة ارتبط بحدث جرى قبل 110 أعوام تنادت فيه آلاف النساء العاملات في نيويورك الأميركية للخروج ضد التمييز الوظيفي والسياسي ضدهن من قبل أرباب العمل وساسة الحكم. ومع قرار الأمم المتحدة بجعله يوماً عالمياً في العام 1975 أصبح يوماً سياسياً بامتياز، تديره حركة الدعاية، وتلوكه آلة الإعلام، ويستخدمه أصحاب المصالح لحاجات في نفوسهم لا حدود لها كلما اقتضت الضرورة ولزم السيناريو.

وما دمنا جزءاً من أفراح العالم وأتراحه، وقد صار لنا مع الذكرى محطة، فلنا في هذه المحطة جولات نقطع فيها مسافات الزمان لنتذكر أولئك النسوة اللائي نقشن بصماتهن على زماننا الحاضر عندما كن راعيات مؤتمنات في ماض كانت قسوة الحياة فيه تلون مشهده وتعد خطواته. وليس بعيداً عن أيامنا هذه، عندما نتفاخر بانتمائنا للشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، لا بد وأن نتذكر الشيخة سلامة بنت بطي، وعندما نستحضر الشيخ راشد نتذكر الشيخة حصة، وعندما نسعد بذكر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، والدعاء له، نذكر الشيخة حصة بنت محمد ونترحم عليها، وعندما نعتز بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، نتذكر الشيخة لطيفة بنت حمدان، وعندما تبهرنا شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد نرى خلفها شخصية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك.

وفي سجلات هذا الوطن المضيء أسماء ومعان لنساء فضلن الوقوف في الظل ليكنّ أحضانا يتربى في كنفها الرجال وتترسخ فيها القيم وتصنع فيها الأمجاد. نساء كان لهن في السجلات ذكر، وفي الذاكرة مشاهد وشواهد، ونساء شاركنهن في صنع المشهد وصناعة الأجيال، وأمهاتنا وجداتنا اللاتي آثارهن تدل عليهن فيما تركن من أبناء وبنات هم اليوم أصل المشهد الإماراتي الزاهي.

على طريق أولئك الجدات والأمهات الفاضلات نرجو لشباب وبنات الوطن اليوم السير، ولآثارهن يقتفون. التعلق بالجذور، والتحزم بالأصول والتعايش مع الجديد تحت ظلال الأصيل، على القاعدة التي رسخها الشيخ زايد رحمه الله «من لم يكن له ماض ليس له حاضر ولا مستقبل».