ليس هناك شيء أهم من أن يحافظ المجتمع على هويته ورمزيته بين هذا العالم الذي نعيشه اليوم بكل إيجابياته وسلبياته.

ولا شك أن ما طرح عن اللغة العربية في منتدى الإعلام العربي، ما هو إلا جزء بسيط من مشكلة كبيرة عما تعانيه اللغة العربية من حالة اغتراب في أوطانها الأم.

وما طرحه شيخ الأزهر الشريف من صرخة في كلمته خلال افتتاح المنتدى ما هو إلا انزعاج لما آل إليه وضع لغة القرآن الكريم.

اللغة العربية تعيش مرحلة مخاض. وخيراً فعل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حينما أعطى جل اهتمامه ورعايته للغة العربية. وهو دور يؤكد حرص سموه على النهوض بلغتنا العربية من الحال الذي وصلت إليه.

حينما نسافر لدول العالم نرى شعوبها تتحدث بلغتها الأم، في فرنسا وألمانيا وتايلاند واليابان وغيرها كثر، كلها تتحدث لغاتها، إلا نحن افتقدنا هويتنا مع افتقاد الحديث باللغة العربية.

حينما دخلت اللغة الانجليزية في مدارسنا ضاع جيل كبير، حتى أصبح لا يتقن اللغة الأم، هذا بلا شك بفضل التخبط في مؤسساتنا التعليمية.

في حين تخرج الجيل السابق من مدارس حكومية وأصبح منهم قادة دول في وطننا ويتقنون اللغات الأخرى، لكنهم لا يتلكأون في نطق العربية كما هو حال جيل اليوم، الذي افتقد الكتابة بلغته الأم.

إنها مرحلة انتقالية يجب أن تتفاعل المؤسسات الإعلامية والتعليمية وشبكات التواصل الاجتماعي لإعادة العربية من رحلة الاغتراب في بيئة عمل حسب ما يعتقد "الراطنون" في الاجتماعات التي يحضرها أبناء الوطن الواحد، بينما يتحدثون لغة غير لغتهم الأم، بداعي التقدم ومواكبة التطور ومفردات منهج بيئة العمل.

مشكلتنا أننا في العالم العربي، اقنعنا أنفسنا أن الانجليزية هي لغة بيئة العمل الناجحة فيجب أن ندرسها ونغمس عقولنا وفكرنا فيها منذ نعومة أظفارنا، بينما الواقع الحقيقي ليس أبدع من العربية كلغة قومية للأمة الإسلامية فهي لغة القرآن الكريم، الذي يحفظ العربية من ضياعها في أمتها.

لعل ما يدور على "تويتر" و"فيسبوك" بداية لإعادة الاعتبار للغة العربية لواقع حالها، بعد أن فهم كثيرون أهميتها كلغة حوار وتواصل في مجتمعاتنا لأنها أساس انطلاقة ألسنتنا مع أول نطق نتفوه به. اليوم الجيل الحالي مهما تغرب عن لغته الأم إلا انه يبقى وفياً لها في حديثه وكتاباته.

اللغة العربية ستبقى روح المكان والأيام والأجيال القادمة، لأن مع كل حالة تغريب وفقدان يبدأ الحنين إلى كل ما مضى حتى التاريخ والحياة الماضية بدأ كثيرون يحنون إليها بعد أن فقدوا الجيران والتواصل العائلي في زمن التغريب عن الوطن، لكن تبقى هي تحولات علينا أن نحافظ عليها من خلال تمسكنا بلغتنا العربية وعاداتنا الاجتماعية وقيمنا الأصيلة حتى نعيش أمة ذات هوية.