لا ندري لماذا حينما يحقق بلد إسلامي أو حزب ما نجاحاً سواء في التنمية أو نصراً ضد المحتل الإسرائيلي نراه بطلاً، فيما بعد يتعاون مع العدو؛ هل هذا بداية السقوط.
تركيا وبعد أن حققت تجربتها نجاحاً في التنمية وباتت مثلاً يضرب في النجاح الاقتصادي الذي حققه حزب العدالة والتنمية التركي في إنعاش اقتصاد تركيا ووقوفه ضد العدوان الإسرائيلي في مرات عدة، تراءى للشعوب العربية أن تركيا اليوم تقود الأمة الإسلامية لمرحلة جديدة.
لكن يبدو أن تركيا بدأت تتجرع من كأس الربيع العربي وأن حزب العدالة والتنمية بدأ يسلك عبر تظاهرات جديدة خطوات نحو الربيع التركي، في وقت بات يمارس سياسة الكيل بمكيالين، مرة تراه مع الشعوب العربية لنيل حقوقها ومطالبها بالديمقراطية والتخلص من الديكتاتورية.
وفي ذات الوقت تمارس السلطات التركية سياسة القتل والدهس ومحاربة الشعب التركي الذي بات يطالب برحيل حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان. لكن أردوغان يتهم دولاً خارجية لإثارة الفتن في بلاده، وأنه سيواصل برنامجه من أجل إسطنبول المستقبل.
هنا نستغرب من رمي العداء للخارج وليس من الداخل؛ أليس الشعب التركي له مطالب وخيارات قد تكون خارج خطط أردوغان وهي من فئة الشباب الذي يتطلع لتحقيق رغباته بعيداً عن أمر دخول تركيا في الاتحاد الأوروبي الذي يبدو أنه سيواجه تحديات ويجب أن تساير تركيا نهج الاتحاد الأوروبي ليس اقتصادياً فحسب بل سياسياً إذا ما أرادت الانضمام إليه.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا اليوم مع مطالب فئة، يمكن أن تكون قليلة لكنها في نهاية المطاف تريد رحيل هذا الحزب، لا يتجاوب أردوغان بالرحيل من منصبه بعد مطالب شعبية تنشد سياسة غير سياسته.
لماذا يطالب أردوغان الرؤساء الآخرين بالرحيل حينما يخرج البعض من شعوبهم بدوافع مشكوك فيها وبدعم من بعض الجهات الأجنبية، بينما هو يتأسد في رئاسة الوزراء في بلاده ويطالبه شعبه بترك منصبه. أليس من الأجدر اليوم مع التظاهرات التركية أن يتجاوب أردوغان مع مطالب شعبه التي تريد غير ما يفكر فيه هو.
حينما نفكر فيما وصلت إليه تركيا من نجاح سياحي، وترويج ثقافي كان جزء منه بفضل ترجمة مسلسلاتها باللهجة السورية التي يرجع لها الفضل في انتشار اسم تركيا بين الشعوب الخليجية على وجه الخصوص، لكن حكومة أردوغان انحازت مع فئة دول عدة في محاربة سوريا. وهي اليوم تتجرع من الربيع العربي .
ولم يكن أردوغان يتصور أنه يوماً سيواجه ما تواجهه الدول العربية في مطالب فئوية شعبية. لكن الأيام تأتي بما لا يشتهي العظماء ويبدو أن قادم الأيام سيشهد الكثير من المفاجآت لعلها تنحاز للشعوب وتسقط من يحاول إقحام نفسه فوق الآخرين.