لعله يقول قائل إنه ليس من المبالغة المقارنة بين الرئيس السوري بشار الأسد، ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، لوجود اختلاف كبير بين الشخصيتين، لكن من وجهة نظري الشخصية أن ما يجمع بينهما هو التعامل غير الحسن مع التظاهرات التي ينشد من خلالها شعبا البلدين الحرية والعدالة والمساواة.

ما يتجرعه أردوغان اليوم من أبناء شعبه، بات يقترب رويداً رويداً مما يواجهه بشار الأسد مع اختلاف بسيط، الأسد يواجه ثورة غاضبة بلا شك دمرت البلاد وشتتت الشعب أطفالاً ونساءً وكباراً. ولكن هي أيضاً ذات اختلاف حتى فيما بين الثوار الذين قاموا ضده. بينما أردوغان أمامه مرحلة "تقسيم" كبيرة، وكانت التظاهرات ضده مفاجأة للشارع في تركيا أو عربياً على وجه الخصوص. بعد أن كان مضرب المثل في التنمية والإصلاح السياسي والاقتصادي.

ورغم أن أردوغان قرر خوض غمار لغة الحوار مع المطالبين بإلغاء قراره بشأن تطوير متنزه باسطنبول وتحويله إلى متحف ودار أوبرا. وذلك رغم الإفراط في استخدام القوة ضد المحتجين. وهو ما جعل العالم يندد بسياسة أردوغان تجاه المحتجين المطالبين بعدم إزالة متنزه غيزي، وانه أي أردوغان مطالب بالاستماع للمحتجين والجلوس على طاولة المفاوضات معهم، وهو ما كان يرفضه في وقت ما، مؤكداً أن صبره بدأ ينفد.

بالأمس كان أردوغان يصرخ ويصرح ضد بشار الأسد لاستخدامه العنف ضد الثوار، بينما هو اليوم يمارس الفعل ذاته مع المطالبين بالإصلاح والمنتقدين لسياساته الداخلية والخارجية، حتى بات يواجه لغة غير اللغة التي كان يسير عليها في السنوات الماضية والتي جعلته أشبه منه بديكتاتور في قراراته.

 البعض يتساءل بعد أحداث ميدان "تقسيم"، أيهما قد يرحل أولاً أردوغان أم بشار الأسد. ولعل الأيام المقبلة ستشهد تطورات كبيرة على الساحتين السورية والتركية، لعلها تقلب الطاولة على أشياء كثيرة وتحدد مصير عدد من الساسة الذين باتوا يغردون خارج السرب، بسياساتهم غير الحكيمة في التعامل مع المطالب الشعبية التي يجب الاستماع إليها بجدية لأن الشعب أساس أي استقرار أو فوضى في أي بلد في العالم، مهما كانت قوة تلك الدولة أو القوة العسكرية تبقى إرادة الشعوب فوق أي شيء مهما كان.

وإذا كان الكثيرون من الأتراك يؤيدون أردوغان فإنه أيضاً الكثير من السوريين يؤيدون الأسد رئيساً لهم، لكن ما يجري ويشهده العالم قد يبرز حالة من المخاض لولادة متعسرة قد تطول لفترة حتى تتضح معالم العملية الكبرى التي ستجري من أجل إنهاء حالة الاحتقان السياسي في بلدين مهمين للمنطقة. ولعل توجه أردوغان للاستفتاء على مشروعه قد يجعله في أمان نوعاً ما، لكن ليس على الوجه الأكمل، لأن التظاهرات ستستمر حتى يعدل عن قراره الذي يرفضه الكثيرون اليوم مهما هدد وتوعد.