كنت أحد التلاميذ الذين درسوا من المنهاج القطري الذي كنا نتدارسه في مدارسنا مع بداية السبعينات. ولا شك أننا تعلمنا الكثير من ذلك المنهاج التعليمي وكثيرون تخرجوا ووصلوا لمراكز إدارية جيدة في حياتهم، رغم تحولنا بعد ذلك للمنهاج الدراسي المحلي. لكن كان تأسيسنا التعليمي على المنهج القطري.
بالأمس القريب تسارعت الأنباء عن إعلان منهاج ليس دراسيا هذه المرة بل ديمقراطي في دولة قطر، فقد انشغل العالم بالأنباء الواردة من الدوحة وأخذت صداها الكبير ليس في المنطقة أو عربيا بل عالميا.
قطر أعلنت عن تغيير في حكم البلاد، أي تغيير في رأس الهرم، فقد أعلن الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني عن نيته التنازل عن الحكم لولي عهده الشيخ تميم، وانه أراد ذلك بإرادته الذاتية وهو في أوج قوته وحكمته وسياسته.
ورغم اختلاف البعض مع سياسة قطر الخارجية تحديدا، خاصة حالات التغيير التي تشهدها المنطقة العربية في ربيعها غير المفهوم حتى الآن. إلا أنني ومنذ أن تسلم الشيخ حمد بن خليفة الحكم في 1995 من أجل تغيير وجه قطر وليس طمعا في كرسي أو سلطة على حد قوله في خطابه الأخير، لكن الشيخ حمد بن خليفة ضرب مثالا بإعلانه وهو في كامل قوته ترك الحكم لولي عهده.
وهي سابقة جديدة ومنهاج جديد سيذكره التاريخ على مر العصور، رغم ما قيل من ضغوط غربية أو لمرض الشيخ حمد بن خليفة. لكن تبقى حكمة قطر كبيرة وتحسب لها بأنها أول دولة تسجل تنازلا في الحكم من أب لابنه في حياته وليس بعد وفاته أو لحالة انقلابية.
التغيير القطري بلا شك أخذ بعدا كبيرا وأصبح علامة متطورة في الحكم، لكن لننتقل إلى أشياء أخرى تتطلب من الحاكم القطري الجديد، ليس فقط أن يسارع في تنمية قطر، أو أن يرفع سموه الرواتب 10% للمواطنين أو يسقط الديون، ولكن هنا نطلب من حاكم قطر الشاب أن ينظر لفئة من هم لا يحملون الجنسية القطرية ويعيشون على ترابها وولدوا على أرضها وتفتحت أعينهم على زرقة بحرها. اليوم ينتظرون حقا شرعه القانون، يطالبون بالجنسية وحقوق المواطنة كغيرهم.
قطر دوما عون، ولكن هناك في قطر من يحتاج إلى العون حتى لا يحرموا من جنسية قطر وجوازها وان يكونوا تحت لواء علم قطر "العنابي" الذي يزداد رفعة وشموخا، فكل أولئك هم أبناء قطر وولاؤهم لقطر ويعانقون سماء قطر حبا، يأملون اليوم من حاكم قطر الجديد أن ينظر لهم عطفا وإنسانية، وحتى تكون قطر كعبة المضيوم في عالم اليوم.
نتوقع أن تشهد قطر طفرة كبيرة في النمو والتطور وأن تزادا تلألؤا مع حكم بو حمد الشيخ تميم ال ثاني.