في سنوات دراستي الجامعية في جامعة الإمارات بمدينة العين، كنت شغوفاً للقاء الشيخ زايد عن قرب، خاصة وأن السكن الجامعي للطلاب في المرخانية، كان قريباً من قصر المقام، لكن لم تشأ الصدف لمقابلة هذا الزعيم العربي، إلا إنني كنت أتابع بشدة وحرص كبيرين، الدور الكبير الذي يقوم به المغفور له بإذن الله تعالى.
كنت أرى بصمات زايد في كل مكان في مدينة العين، كل شجرة زرعت هناك، كانت بيد وفكر وإرادة زايد، حتى جعل من العين واحة رائعة بجمالها وبائها الأخضر. تابعت وهو يشمر عن ساعديه ليسقي الزرع ويفجر الينابيع في المبزرة الخضراء عند جبل حفيت. واستمعت له كثيراً في مجالسه العديدة التي كان يحرص على الالتقاء بأبناء الإمارات، ويوجههم بفطرته وحنكته مباشرة ليكونوا قدوة وطنهم في العطاء والعمل الإنساني.
تابعت أحاديثه الكثيرة التي كان يوجه من خلالها رسائل لأبناء الإمارات، حتى أحبه ليس من في الداخل بل حتى في الخارج، وكيف وقف مع المرأة، وقال كلمته، "أنا نصير المرأة"، التي أخذت الكثير في ظل كنف "بابا زايد"، حتى باتت المرأة الإماراتية، شامخة في بلادها، ودخلت في خدمة بلادها ومعاونة زوجها على تكاليف الحياة العصرية.
تابعت والكثيرون، ظهوره في برنامج تلفزيوني للمسابقات التراثية في شهر رمضان خلال سنة من السنوات، وكيف كان يطرح السؤال شعراً، ليجيب عنه المتابعون. لقد شجع التراث والمحافظة عليه، لأنه قال "من ليس له ماضٍ ليس له حاضر".
الشيخ زايد، طيب الله ثراه، مدرسة فكرية عظيمة، في الحكمة والقيادة والعطاء، أسس دولة حديثة في زمن قياسي، رغم صعوبات وتحديات جغرافية وسكانية وسياسية، لكنه كانت لديه إرادة قوية وعزيمة وبصيرة لمستقبل كبير لأبناء دولته، الذين بادلوه الحب والبناء والنجاح.
الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قدم الكثير والكثير في بناء دولة الإمارات الحديثة، وعمل بتفانٍ وإخلاص مع إخوانه من حكام الإمارات. كان رحمه الله، سياسياً ناجحاً أدرك أن الثروة هي لبناء الدولة والإنسان، فقدم الكثير لأبناء الإمارات، من أجل أن يعيشوا في خير وسلام واستقرار.
اليوم كل موقع من مواقع الإمارات وكل بيت لا يخلو من ذكر المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، رجل الإنسانية والعطاء. اغدق الخير على الفقراء والمساكين، والدول القريبة والبعيدة، من أجل أن يحسن من معيشة الإنسان أينما كان.
نعم رحل الشيخ زايد عن دنيانا، لكن أبقى خير خلف له على هذه الأرض، أبناء الشيخ زايد اليوم يسيرون عن نهجه في العطاء ومساعدة المحتاجين من الإنسانية، لأن كل شيء زائل إلا عمل الخير الذي بدأه الشيخ زايد فإنه سيظل مستمراً.